211
کنز الدعاء المجلد الثالث

ثُمَّ أمَرتَني فَلَم أئتَمِر ، وزَجرَتَني فَلَم أنزَجِر ، ولَم أشكُر نِعمَتَكَ ، ولَم أقبَل نَصيحَتَكَ ، ولَم اُؤَدِّ حَقَّكَ ، ولَم أترُك مَعاصِيَكَ ، بَل عَصَيتُكَ بِعَيني ولَو شِئتَ أعمَيتَني فَلَم تَفعَل ذلِكَ بي ، وعَصَيتُكَ بِسَمعي ولَو شِئتَ أصمَمتَني فَلَم تَفعَل ذلِكَ بي ، وعَصَيتُكَ بِيَدي ولَو شِئتَ لَكَنَّعتَني ۱ فَلَم تَفعَل ذلِكَ بي ، وعَصَيتُكَ بِرِجلي ولَو شِئتَ لَجَذَمتَني فَلَم تَفعَل ذلِكَ بي ، وعَصَيتُكَ بِفَرجي ولَو شِئتَ عَقَمتَني فَلَم تَفعَل ذلِكَ بي ، وعَصَيتُكَ بِجَميعِ جَوارِحي ولَم يَكُ هذا جَزاءَكَ مِنّي ، فَعَفوَكَ عَفوَكَ ، فَها أنَا ذا عَبدُكَ المُقِرُّ بِذَنبي ، الخاضِعُ لَكَ بِذُلّي المُستَكينُ لَكَ بِجُرمي ، مُقِرٌّ لَكَ بِجِنايَتي ، مُتَضَرِّعٌ إلَيكَ ، راجٍ لَكَ في مَوقِفي هذا ، تائِبٌ مِن جَريرَتي ومِنِ اقتِرافي ، مُستَغفِرٌ لَكَ مِن ظُلمي لِنَفسي ، راغِبٌ إلَيكَ في فَكاكِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، مُبتَهِلٌ إلَيكَ فِي العَفوِ عَنّي مِنَ المَعاصي ، طالِبٌ إلَيكَ أن تُنجِحَ لي حَوائِجي وتُعطِيَني فَوقَ رَغَبتي ، وأَن تَسمَعَ نِدائي وتَستَجيبَ دُعائي ، وتَرحَمَ تَضَرُّعي وشَكوايَ ، وكَذلِكَ العَبدُ الخاطِئُ يَخضَعُ لِسَيِّدِهِ ، ويَتَخَشَّعُ لِمَولاهُ بِالذُّلِّ .
يا أكرَمَ مَن اُقِرَّ لَهُ بِالذُّنوبِ ، وأَكرَمَ مَن خُضِعَ لَهُ وخُشِعَ ، ما أنتَ صانِعٌ بِمُقِرٍّ لَكَ بِذَنبِهِ خاشِعٍ لَكَ بِذُلِّهِ ، فَإِن كانَت ذُنوبي قَد حالَت بَيني وبَينَكَ أن تُقبِلَ عَلَيَّ بِوَجهِكَ ، وتَنشُرَ عَلَيَّ رَحمَتَكَ وتُنزِلَ عَلَيَّ شَيئاً مِن بَرَكاتِكَ ، أو تَرفَعَ لي إلَيكَ صَوتاً أو تَغفِرَ لي ذَنباً أو تَتَجاوَزَ عَن خَطيئَةٍ ، فَها أنَا ذا عَبدُكَ مُستَجيرٌ بِكَرَمِ وَجهِكَ وعِزِّ جَلالِكَ ، مُتَوَجِّهٌ إلَيكَ ومُتَوَسِّلٌ إلَيكَ ، ومُتَقَرِّبٌ إلَيكَ بِنَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ، أحَبِّ خَلقِكَ إلَيكَ وأَكرَمِهِم لَدَيكَ ، وأَولاهُم بِكَ وأَطوَعِهِم لَكَ ، وأَعظَمِهِم مِنكَ مَنزِلَةً وعِندَكَ مَكاناً ، وبِعِترَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِمُ الهُداةِ المَهدِيّينَ الَّذينَ افتَرَضتَ طاعَتَهُم وأَمَرتَ بِمَوَدَّتِهِم ، وجَعَلتَهُم وُلاةَ أمرِكَ بَعدَ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ ، يا مُذِلَّ كُلِّ جَبّارٍ ، ويا مُعِزَّ كُلِّ ذَليلٍ ، قَد بَلَغَ مَجهودي ، فَهَب لي نَفسِيَ السّاعَةَ السّاعَةَ بِرَحمَتِكَ .

1.الأكنَع : الأَشلُّ ، وكَنَّعَ يَدَهُ : أشَلَّها (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۸۰ «كنع») .


کنز الدعاء المجلد الثالث
210

يَنسى‏ شَيئاً لِشَي‏ءٍ .
أسأَ لُكَ يا مَن عَظُمَ صَفحُهُ ، وحَسُنَ صُنعُهُ ، وكَرُمَ عَفوُهُ ، وكَثُرَت نِعَمُهُ ، ولا يُحصى‏ إحسانُهُ وجَميلُ بَلائِهِ ، أن تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأَن تَقضِيَ لي حَوائِجِيَ الَّتي أفضَيتُ بِها إلَيكَ ، وقُمتُ بِها بَينَ يَدَيكَ ، وأَنزَلتُها بِكَ وشَكَوتُها إلَيكَ ، مَعَ ما كانَ مِن تَفريطي فيما أمَرتَني ، وتَقصيري فيما نَهَيتَني عَنهُ .
يا نوري في كُلِّ ظُلمَةٍ ، ويا اُنسي في كُلِّ وَحشَةٍ ، ويا ثِقَتي في كُلِّ شِدَّةٍ ، ويا رَجائي في كُلِّ كُربَةٍ ، ويا وَلِيّي في كُلِّ نِعمَةٍ ، ويا دَليلي فِي الظَّلامِ ، أنتَ دَليلي إذَا انقَطَعَت دَلالَةُ الأَدِلّاءِ ، فَإِنَّ دَلالَتَكَ لا تَنقَطِعُ ، لا يَضِلُّ مَن هَدَيتَ ، ولا يَذِلُّ مَن والَيتَ .
أنعَمتَ عَلَيَّ فَأَسبَغتَ ، ورَزَقتَني فَوَفَّرتَ ، ووَعَدتَني فَأَحسَنتَ ، وأَعطَيتَني فَأَجزَلتَ بِلَا استِحقاقٍ لِذلِكَ بِعَمَلٍ مِنّي ، ولكِنِ ابتِداءً مِنكَ بِكَرَمِكَ وجودِكَ ، فَأَنفَقتُ نِعمَتَكَ في معاصيكَ ، وتَقَوَّيتُ بِرِزقِكَ عَلى‏ سَخَطِكَ ، وأَفنَيتُ عُمُري فيما لا تُحِبُّ ، فَلَم تَمنَعكَ جُرأَتي عَلَيكَ ، ورُكوبي ما نَهَيتَني عَنهُ ، ودُخولي فيما حَرَّمتَ عَلَيَّ ، أن عُدتَ عَلَيَّ بِفَضلِكَ ، ولَم يَمنَعني عَودُكَ عَلَيَّ بِفَضلِكَ أن عُدتُ في مَعاصيكَ ، فَأَنتَ العائِدُ بِالفَضلِ وأَ نَا العائِدُ بِالمَعاصي ، وأَنتَ يا سَيِّدي خَيرُ المَوالي لِعَبيدِهِ ، وأَ نَا شَرُّ العَبيدِ ، أدعوكَ فَتُجيبُني وأَسأَ لُكَ فَتُعطيني ، وأَسكُتُ عَنكَ فَتَبتَدِئُني ، وأَستَزيدُكَ فَتَزيدُني ، فَبِئسَ العَبدُ أنَا لَكَ يا سَيِّدي ومَولايَ .
أنَا الَّذي لَم أزَل اُسي‏ءُ وتَغفِرُ لي ، ولَم أزَل أتَعَرَّضُ لِلبَلاءِ وتُعافيني ، ولَم أزَل أتَعَرَّضُ لِلهَلَكَةِ وتُنجيني ، ولَم أزَل أضيعُ فِي اللَّيلِ وَالنَّهارِ في تَقَلُّبي فَتَحفَظُني ، فَرَفَعتَ خَسيسَتي وأَقَلتَ عَثرَتي ، وسَتَرتَ عَورَتي ولَم تَفضَحني بِسَريرَتي ، ولَم تُنَكِّس بِرَأسي عِندَ إخواني بَل سَتَرتَ عَلَيَّ القَبائِحَ العِظامَ وَالفَضائِحَ الكِبارَ ، وأَظهَرتَ حَسَناتِيَ القَليلَةَ الصِّغارَ مَنّاً مِنكَ وتَفَضُّلاً وإحساناً وإنعاماً وَاصطِناعاً .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 30011
صفحه از 666
پرینت  ارسال به