يا إلهي ! أنَا الَّذي لَم أعقِل عِندَ الذُّنوبِ نَهيَكَ ، ولَم اُراقِب عِندَ اللَّذّاتِ زَجرَكَ ، ولَم أقبَل عِندَ الشَّهوَةِ نَصيحَتَكَ ، ورَكِبتُ الجَهلَ بَعدَ الحِلمِ ، وغَدَوتُ إلَى الظُّلمِ بَعدَ العِلمِ .
اللَّهُمَّ فَكَما حَلُمتَ عَنّي فيمَا اجتَرَأتُ عَلَيهِ مِن مَعاصيكَ ، وعَرَفتَ تَضييعي حَقَّكَ وضَعفي عَن شُكرِ نِعمَتِكَ ورُكوبي مَعصِيَتَكَ ، اللَّهُمَّ إنّي لَستُ ذا عُذرٍ فَأَعتَذِرَ ولا ذا حيلَةٍ فَأَنتَصِرَ ، اللَّهُمَّ قَد أسَأتُ وظَلَمتُ وبِئسَ ما صَنَعتُ ، عَمِلتُ سوءاً ، لَم تَضُرَّكَ ذُنوبي ، فَأَستَغفِرُكَ يا سَيِّدي ومَولايَ ، سُبحانَكَ لا إلهَ إلّا أنتَ ، سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمينَ .
اللَّهُمَّ إنَّكَ تَجِدُ مَن تُعَذِّبُهُ غَيري ولا أجِدُ مَن يَرحَمُني سِواكَ ، فَلَو كانَ لي مَهرَبٌ لَهَرَبتُ ، ولَو كانَ لي مَصعَدٌ فِي السَّماءِ أو مَسلَكٌ فِي الأَرضِ لَسَلَكتُ ، ولكِنَّهُ لا مَهرَبَ لي ولا مَلجَأَ ولا مَنجى ولا مَأوى مِنكَ إلّا إلَيكَ .
اللَّهُمَّ إن تُعَذِّبني فَأَهلُ ذلِكَ أنَا ، وإن تَرحَمني فَأَهلُ ذلِكَ أنتَ ، بِمَنِّكَ وفَضلِكَ ووَحدانِيَّتِكَ وجَلالِكَ وكِبرِيائِكَ وعَظَمَتِكَ وسُلطانِكَ ، فَقَديماً ما مَنَنتَ عَلى أولِيائِكَ ومُستَحِقّي عُقوبَتِكَ بِالعَفوِ وَالمَغفِرَةِ .
سَيِّدي ! عافِيَةَ مَن أرجو إذا لَم أرجُ عافِيَتَكَ ، وعَفوَ مَن أرجو إذا لَم أرجُ عَفوَكَ ، ورَحمَةَ مَن أرجو إذا لَم أرجُ رَحمَتَكَ ، ومَغفِرَةَ مَن أرجو إذا لَم أرجُ مَغفِرَتَكَ ، ورِزقَ مَن أرجو إذا لَم أرجُ رِزقَكَ ، وفَضلَ مَن أرجو إذا لَم أرجُ فَضلَكَ ؟ !
سَيِّدي ! أكثَرتَ عَلَيَّ مِنَ النِّعَمِ وأَقلَلتُ لَكَ مِنَ الشُّكرِ ، فَكَم لَكَ عِندي مِن نِعمَةٍ لا يُحصيها أحَدٌ غَيرُكَ ، ما أحسَنَ بَلاءَكَ عِندي وأَحسَنَ فِعالَكَ ، نادَيتُكَ مُستَغيثاً مُستَصرِخاً فَأَغَثتَني ، وسَأَلتُكَ عائِلاً فَأَغنَيتَني ، ونَأَيتُ فَكُنتَ قَريباً مُجيباً ، وَاستَعَنتُ بِكَ مُضطَرّاً فَأَعَنتَني ووَسَّعتَ عَلَيَّ ، وهَتَفتُ إلَيكَ في مَرَضي فَكَشَفتَهُ عَنّي ، وَانتَصَرتُ بِكَ في رَفعِ البَلاءِ فَوَجَدتُكَ يا مَولايَ نِعمَ المَولى ونِعمَ النَّصيرُ .
وكَيفَ لا أشكُرُكَ يا إلهي ؟ ! أطلَقتَ لِساني بِذِكرِكَ رَحمَةً لي مِنكَ ، وأَضَأتَ لي بَصَري