199
کنز الدعاء المجلد الثالث

ما زَيَّلتَهُ وإلى‏ ما حَذَّرتَهُ ، وأَعانَهُ عَلى‏ ذلِكَ عَدُوُّكَ وعَدُوُّهُ ، فَأَقدَمَ عَلَيهِ عارِفاً بِوَعيدِكَ ، راجِياً لِعَفوِكَ ، واثِقاً بِتَجاوُزِكَ ، وكانَ أحَقَّ عِبادِكَ مَعَ ما مَنَنتَ عَلَيهِ ألّا يَفعَلَ .
وها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ صاغِراً ذَليلاً خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً ، مُعتَرِفاً بِعَظيمٍ مِنَ الذُّنوبِ تَحَمَّلتُهُ ، وجَليلٍ مِنَ الخَطايَا اجتَرَمتُهُ ، مُستَجيراً بِصَفحِكَ ، لائِذاً بِرَحمَتِكَ ، موقِناً أنَّهُ لا يُجيرُني مِنكَ مُجيرٌ ، ولا يَمنَعُني مِنكَ مانِعٌ .
فَعُد عَلَيَّ بِما تَعودُ بِهِ عَلى‏ مَنِ اقتَرَفَ مِن تَغَمُّدِكَ ، وجُد عَلَيَّ بِما تَجودُ بِهِ عَلى‏ مَن ألقى‏ بِيَدِهِ إلَيكَ مِن عَفوِكَ ، وَامنُن عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ أن تَمُنَّ بِهِ عَلى‏ مَن أمَّلَكَ مِن غُفرانِكَ ، وَاجعَل‏لي في هذَا اليَومِ نَصيباً أنالُ بِهِ حَظّاً مِن رِضوانِكَ ، ولا تَرُدَّني صِفراً مِمّا يَنقَلِبُ بِهِ المُتَعَبِّدونَ لَكَ مِن عِبادِكَ ، وإنّي وإن لَم اُقَدِّم ما قَدَّموهُ مِنَ الصّالِحاتِ فَقَد قَدَّمتُ تَوحيدَكَ ونَفيَ الأَضدادِ وَالأَندادِ وَالأَشباهِ عَنكَ ، وأَتَيتُكَ مِنَ الأَبوابِ الَّتي أمَرتَ أن تُؤتى‏ مِنها ، وتَقَرَّبتُ إلَيكَ بِما لا يَقرُبُ أحَدٌ مِنكَ إلّا بِالتَّقَرُّبِ بِهِ ، ثُمَّ أتبَعتُ ذلِكَ بِالإِنابَةِ إلَيكَ ، وَالتَّذَلُّلِ وَالاِستِكانَةِ لَكَ ، وحُسنِ الظَّنِّ بِكَ ، وَالثِّقَةِ بِما عِندَكَ ، وشَفَعتُهُ بِرَجائِكَ الَّذي قَلَّ ما يَخيبُ عَلَيهِ راجيكَ . وسَأَلتُكَ مَسأَلَةَ الحَقيرِ الذَّليلِ البائِسِ الفَقيرِ الخائِفِ المُستَجيرِ ، ومَعَ ذلِكَ خيفَةً وتَضَرُّعاً وتَعَوُّذاً وتَلَوُّذاً ، لا مُستَطيلاً بِتَكَبُّرِ المُتَكَبِّرينَ ، ولا مُتَعالِياً بِدالَّةِ المُطيعينَ ، ولا مُستَطيلاً بِشَفاعَةِ الشّافِعينَ ، وأَ نَا بَعدُ أقَلُّ الأَقَلّينَ وأَذَلُّ الأَذَلّينَ ، ومِثلُ الذَّرَّةِ أو دونَها .
فَيامَن لَم يُعاجِلِ المُسيئينَ، ولا يَندَهُ المُترَفينَ، ويا مَن يَمُنُّ بِإِقالَةِ العاثِرينَ ، ويَتَفَضَّلُ بِإِنظارِ الخاطِئينَ ؛ أنا المُسي‏ءُ المُعتَرِفُ ، الخاطِئُ العاثِرُ ، أنَا الَّذي أقدَمَ عَلَيكَ مُجتَرِئاً ، أنَا الَّذي عَصاكَ مُتَعَمِّداً ، أنَا الَّذِي استَخفى‏ مِن عِبادِكَ وبارَزَكَ ، أنَا الَّذي هابَ عِبادَكَ وأَمِنَكَ ، أنَا الَّذي لَم يَرهَب سَطوَتَكَ ، ولَم يَخَف بَأسَكَ ، أنَا الجَاني عَلى‏ نَفسِهِ ، أنَا المُرتَهَنُ بِبَلِيَّتِهِ ، أنَا القَليلُ الحَياءِ ، أنا الطَّويلُ العَناءِ ، بِحَقِّ مَنِ انتَجَبتَ مِن خَلقِكَ ، وبِمَنِ


کنز الدعاء المجلد الثالث
198

اللَّهُمَّ فَأَوزِع لِوَلِيِّكَ شُكرَ ما أنعَمتَ بِهِ عَلَيهِ ، وأَوزِعنا مِثلَهُ فيهِ ، وآتِهِ مِن لَدُنكَ سُلطاناً نَصيراً ، وَافتَح لَهُ فَتحاً يَسيراً ، وأَعِنهُ بِرُكنِكَ الأَعَزِّ ، وَاشدُد أزرَهُ ، وقَوِّ عَضُدَهُ ، وراعِهِ بِعَينِكَ ، وَاحمِهِ بِحِفظِكَ ، وَانصُرهُ بِمَلائِكَتِكَ ، وَامدُدهُ بِجُندِكَ الأَغلَبِ ، وأَقِم بِهِ كِتابَكَ وحُدودَكَ وشَرائِعَكَ وسُنَنَ رَسولِكَ صَلَواتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيهِ وآلِهِ ، وأَحيِ بِهِ ما أماتَهُ الظّالِمونَ مِن مَعالِمِ دينِكَ ، وَاجلُ بِهِ صَدَأَ الجَورِ عَن طَريقَتِكَ ، وأَبِن بِهِ الضَّرّاءَ مِن سَبيلِكَ ، وأَزِل بِهِ النّاكِبينَ عَن صِراطِكَ ، وَامحَق بِهِ بُغاةَ قَصدِكَ عِوَجاً ، وأَلِن جانِبَهُ لِأَولِيائِكَ ، وَابسُط يَدَهُ عَلى‏ أعدائِكَ ، وهَب لَنا رَأفَتَهُ ورَحمَتَهُ وتَعَطُّفَهُ وتَحَنُّنَهُ ، وَاجعَلنا لَهُ سامِعينَ مُطيعينَ ، وفي رِضاهُ ساعينَ ، وإلى‏ نُصرَتِهِ والمُدافَعَةِ عَنهُ مُكنِفينَ ، وإلَيكَ وإلى‏ رَسولِكَ - صَلَواتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيهِ وآلِهِ - بِذلِكَ مُتَقَرِّبينَ .
اللَّهُمَّ وصَلِّ عَلى‏ أولِيائِهِمُ المُعتَرِفينَ بِمَقامِهِمُ ، المُتَّبِعينَ مَنهَجَهُمُ ، المُقتَفينَ آثارَهُمُ ، المُستَمسِكينَ بِعُروَتِهِمُ ، المُتَمَسِّكينَ بِوِلايَتِهِمُ ، المُؤتَمّينَ بِإِمامَتِهِمُ ، المُسَلِّمينَ لِأَمرِهِمُ ، المُجتَهِدينَ في طاعَتِهِمُ ، المُنتَظِرينَ أيّامَهُمُ ، المادّينَ إلَيهِم أعيُنَهُمُ ، الصَّلَواتِ المُبارَكاتِ الزّاكياتِ النّامياتِ الغادِياتِ الرّائِحاتِ ، وسَلِّم عَلَيهِم وعَلى‏ أرواحِهِم ، وَاجمَع عَلَى التَّقوى‏ أمرَهُم ، وأَصلِح لَهُم شُؤونَهُم ، وتُب عَلَيهِم ، إنَّكَ أنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ ، وخَيرُ الغافِرينَ ، وَاجعَلنا مَعَهُم في دارِ السَّلامِ بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
اللَّهُمَّ هذا يَومُ عَرَفَةَ يَومٌ شَرَّفتَهُ وكَرَّمتَهُ وعَظَّمتَهُ ، نَشَرتَ فيهِ رَحمَتَكَ ، ومَنَنتَ فيهِ بِعَفوِكَ ، وأَجزَلتَ فيهِ عَطِيَّتَكَ ، وتَفَضَّلتَ بِهِ عَلى‏ عِبادِكَ .
اللَّهُمَّ وأَ نَا عَبدُكَ الَّذي أنعَمتَ عَلَيهِ قَبلَ خَلقِكَ لَهُ وبَعدَ خَلقِكَ إيّاهُ ، فَجَعَلتَهُ مِمَّن هَدَيتَهُ لِدينِكَ ، ووَفَّقتَهُ لِحَقِّكَ ، وعَصَمتَهُ بِحَبلِكَ ، وأَدخَلتَهُ في حِزبِكَ ، وأَرشَدتَهُ لِمُوالاةِ أولِيائِكَ ، ومُعاداةِ أعدائِكَ . ثُمَّ أمَرتَهُ فَلَم يَأتَمِر ، وزَجَرتَهُ فَلَم يَنزَجِر ، ونَهَيتَهُ عَن مَعصِيَتِكَ فَخالَفَ أمرَكَ إلى‏ نَهيِكَ ، لا مُعانَدَةً لَكَ ، ولَا استِكباراً عَلَيكَ ، بَل دَعاهُ هَواهُ إلى‏

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27739
صفحه از 666
پرینت  ارسال به