79
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

الذهب ، مكلّلة بالدرّ والياقوت ، وجِلالها الإستبرق والسُّندُس ، وخِطامها جُدُلُ الأرجوان ، وأزمّتها من زَبَرْجَد ، فتطير بهم إلى المحشر، مع كلّ رجل منهم ألف ملك من قدّامه وعن يمينه وعن شماله ، يزفّونهم زفّاً حتّى ينتهوا بهم إلى باب الجنّة الأعظم ، وعلى باب الجنّة شجرة، الورقة منها يستظلّ تحتها مئة ألف من الناس ، وعن يمين الشجرة عين مطهّرة مُزَكّية ، فيُسقون منها شربة ، فيطهّر اللَّه قلوبهم من الحسد ، ويسقط عن أبشارهم الشّعر ، وذلك قوله : «وَ سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا »۱ من تلك العين المطهّرة ، ثمّ يرجعون إلى عينٍ أُخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها ، وهي عين الحياة ، فلا يموتون أبداً .
ثمّ يُوقَف بهم قُدّام العرش وقد سَلِموا من الآفات والأسقام والحرّ والبرد أبداً . قال : فيقول الجبّار للملائكة الذين معهم : احشروا أوليائي إلى الجنّة ، ولا تقفوهم مع الخلائق ، فقد سبق رضائي عنهم ووجبت رحمتي لهم ، فكيف أُريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيّئات . فتسوقهم الملائكة إلى الجنّة ، فإذا انتهوا إلى باب الجنّة الأعظم ، ضربوا الملائكة الحلقة ضربة ، فتصرّ صريراً ، فيبلغ صوت صريرها كلّ حوراء خلقها اللَّه وأعدّها لأوليائه ، فيتباشرن إذا سمعن صرير الحلقة ، ويقول بعضهنّ لبعض : قد جاءنا أولياءاللَّه، فيُفتح لهم الباب فيدخلون الجنّة، فيشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين، فيقلن: مرحباً بكم، فما كان أشدّ شوقنا إليكم، ويقول لهنّ أولياء اللَّه مثل ذلك.
فقال علي عليه السلام مَن هؤلاء يا رسول اللَّه ؟ فقال صلى اللّه عليه و آله : يا علي ، هؤلاء شيعتك وشيعتنا المخلصون [لولايتك‏] ، وأنت إمامهم ، وهو قول اللَّه : « يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى‏ جَهَنَّمَ وِرْدًا »۲.۳

۵۳. المحاسن : أحمد بن محمّد بن خالد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن عبد اللَّه بن سنان ، عن عبد اللَّه بن شريك العامري ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : بينا رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله في نفرٍ من أصحابه فيهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال : يخرج قوم من قبورهم

1.سورة الإنسان ( ۷۶ ) ، الآية ۲۱ .

2.سورة مريم ( ۱۹ ) ، الآية ۸۵ - ۸۶ .

3.تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۵۳ ( سورة مريم ) ؛ بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۱۷۲ ، ح ۲ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
78

فيقولون لهم : ما كان صبركم هذا الّذي صبرتم ؟ فيقولون : صبرنا أنفسنا على طاعة اللَّه، وصبرناها عن معصية اللَّه . قال : فينادي منادٍ من عند اللَّه : صدق عبادي، خلّوا سبيلهم ليدخلوا الجنّة بغير حساب ... .
قال : ثمّ ينادي منادٍ آخر، يسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم، فيقول : أين أهل الفضل ؟ فيقوم عنق من الناس، فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون : ما فضلكم هذا الّذي نوديتم به ؟ فيقولون : كنّا يُجهل علينا في الدنيا فنحتمل ، ويُساء إلينا فنعفو. قال : فينادي منادٍ من عند اللَّه تعالى : صدق عبادي، خلّوا سبيلهم ليدخلوا الجنّة بغير حساب.
قال : ثمّ ينادي منادٍ من عند اللَّه عزّ و جلّ ، يسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم، فيقول : أين جيران اللَّه جلّ جلاله في داره ؟ فيقوم عنق من الناس، فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون لهم ماذا كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران اللَّه تعالى في داره ؟ فيقولون : كنّا نتحابّ في اللَّه عزّ و جلّ ، ونتباذل في اللَّه ، ونتوازر في اللَّه ، فينادي منادٍ من عند اللَّه : صدق عبادي ، خلّوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار اللَّه في الجنّة بغير حساب . قال : فينطلقون إلى الجنّة بغير حساب. ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : فهؤلاء جيران اللَّه في داره، يخاف الناس ولا يخافون، ويُحاسب الناس ولا يُحاسبون .۱

۵۲. تفسير القمّي : حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن عبد اللَّه بن شريك العامري ، عن أبي عبد اللَّه قال : سأل علي عليه السلام رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عن تفسير قوله : «يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا »۲ ؟ قال : يا علي ، أنّ الوفد لا يكون إلّا ركباناً ، أُولئك رجال اتّقوا اللَّه فأحبّهم اللَّه واختصّهم ورضي أعمالهم ، فسمّاهم اللَّه المتّقين . ثمّ قال : يا علي ، أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن ، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلألأ .
وفي حديثٍ آخر قال : إنّ الملائكة لتستقبلهم بنوقٍ من نوق الجنّة ، عليها رحائل

1.الأمالي للطوسي ، ص ۱۰۲ (المجلس الرابع) ، ح ۱۵۸ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۱۷۱ ، ح ۱ باختلاف يسير .

2.سورة مريم ( ۱۹ ) ، الآية ۸۵ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9418
صفحه از 516
پرینت  ارسال به