61
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

إنّ لهذا تأويلاً وتفسيراً ، والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ ، أما تسمع قوله : «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَ مِن‏م بَعْدُ » ، يعني إليه المشية في القول أن يؤخّر ما قدّم ويقدّم ما أخّر ، إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين ، وذلك قوله : «وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ »۱. ۲

1.تفسير القمّي ، ج‏۲ ، ص ۱۵۲ (سورة الروم ) ؛ بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۱۰۰ (البداء والنسخ) ، ح ۱۰.

2.قال المجلسي في البحار : بيان : قد قُرئ في بعض الشواذّ « غَلَبت » بالفتح ، و« سيُغلبون » بالضمّ ، قوله عليه السلام : يعني غلبتها فارس ، الظاهر أنّ إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى المفعول ، أي مغلوبية الروم من فارس ، ويمكن أن يقرأ فعلاً . وقوله : و« فارس » ، تفسير لضمير « هم » ، فالظاهر أنّه كان في قراءتهم عليهم السلام « غلبت » و« سيغلبون » كلاهما على المجهول ، وهي مركّبة من القراءتين . ويحتمل أن يكون قراءتهم عليهم السلام على وفق الشاذّة ، بأن تكون إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى الفاعل ، وإضافة « غلبهم » في الآية إضافة إلى المفعول ، أي بعد مغلوبية فارس عن الروم سيغلبون عن المسلمين أيضاً ، أو إلى الفاعل ، فيكون في الآية إشارة إلى غلبة فارس ومغلوبيتهم عن الروم وعن المسلمين جميعاً ، ولكنّه يحتاج إلى تكلّف . ثمّ إنّ البضع لمّا كان بحسب اللغة إنّما يُطلق على ما بين الثلاث إلى التسع ، وكان تمام الغلبة على فارس في السابع عشر أو أواخر السادس عشر من الهجرة ، فعلى المشهور بين المفسّرين من نزول الآية بمكّة قبل الهجرة ، لا بدّ من أن يكون بين نزول الآية وبين الفتح ستّ عشرة سنة ، وعلى ما هو الظاهر من الخبر من كون نزول الآية بعد مراسلة قيصر وكسرى ، وكانت على الأشهر في السنة السادسة ، فيزيد على البضع أيضاً بقليل ، فلذا اعترض السائل عليه عليه السلام بذلك ، فأجاب عليه السلام بأنّ الآية مشعرة باحتمال وقوع البداء ، حيث قال : «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَ مِن بَعْدُ» ، أي للَّه أن يقدّم الأمر قبل البضع ويؤخّره بعده ، كما هو الظاهر من تفسيره عليه السلام ، وسيأتي تمام القول في تفسير تلك الآية في كتاب أحوال النبيّ صلى اللّه عليه و آله إن شاء اللَّه تعالى (بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۱۰۰ ، ذيل ح ۱۰) .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
60

حديث يرويه الناس ، فقال : وما هو ؟ قال : يروون أنّ اللَّه تعالى أوحى إلى حِزقِيل النبيّ عليه السلام أن أخبر فلان الملك أنّي متوفّيك يوم كذا ، فأتى حِزقِيل عليه السلام الملك فأخبره بذلك ، قال : فدعا اللَّه وهو على سريره حتّى سقط ما بين الحائط والسرير ، وقال : يا ربّ ، أخّرني حتّى يشبّ طفلي وأقضي أمري ، فأوحى اللَّه إلى ذلك النبيّ أن ائت فلاناً وقل له : إنّي أنسأت في عمره خمس عشرة سنة ، فقال النبيّ : يا ربّ ، وعزّتك إنّك تعلم أنّي لم أكذب كذبة قطّ ، فأوحى اللَّه إليه : إنّما أنت عبد مأمور ، فأبلغه .۱

۸۱. تفسير القمّي : حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن جميل ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن قول اللَّه : «الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِى أَدْنَى الْأَرْضِ » ، قال : يا أبا عبيدة ، إنّ لهذا تأويلاً لا يعلمه إلّا اللَّه والراسخون في العلم من الأئمّة عليهم السلام ، إنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله لمّا هاجر إلى المدينة وقد ظهر الإسلام ، كتب إلى ملك الروم كتاباً ، وبعث إليه رسولاً يدعوه إلى الإسلام ، وكتب إلى ملك فارس كتاباً وبعث إليه رسولاً يدعوه إلى الإسلام ، فأمّا ملك الروم فإنّه عظّم كتاب رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وأكرم رسوله ، وأمّا ملك فارس فإنّه مزّق كتابه واستخفّ برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، وكان ملك فارس يقاتل يومئذٍ ملك الروم ، وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس ، وكانوا لناحية ملك الروم أرجى منهم لملك فارس ، فلمّا غلب ملك فارس ملك الروم بكى لذلك المسلمون واغتمّوا ، فأنزل اللَّه : «الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِى أَدْنَى الْأَرْضِ » ، يعني غلبتها فارس «فِى أَدْنَى الْأَرْضِ » ، وهي الشامات وما حولها . ثمّ قال : وفارس «مِّن‏م بَعْدِ غَلَبِهِمْ » ، الروم «سَيَغْلِبُونَ * فِى بِضْعِ سِنِينَ » ، قوله : «لِلَّهِ الْأَمْرُ » من قبل أن يأمر ومن بعد أن يقضي بما يشاء ، قوله : «وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ »۲.
قلت : أليس اللَّه يقول : «فِى بِضْعِ سِنِينَ » ، وقد مضى للمسلمين سنون كثيرة مع رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وفي إمارة أبي بكر ، وإنّما غلب المؤمنون فارسَ في إمارة عمر ؟ فقال : ألم أقل لك

1.قصص الأنبياء للراوندي ، ص ۲۴۱ ، ح ۲۸۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۱۱۲ ، ح ۳۳ .

2.سورة الروم ( ۳۰ ) ، الآية ۴ - ۵ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9240
صفحه از 516
پرینت  ارسال به