329
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

۷. الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن عليّ بن يقطين ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : قلت له : إنّي قد أشفقت من دعوة أبي عبد اللَّه عليه السلام على ابن يقطين وما ولد ، فقال : يا أبا الحسن ، ليس حيث تذهب ، إنّما المؤمن في صلب الكافر بمنزلة الحصاة في اللبنة ، يجي‏ء المطر فيغسل اللبنة ولا يضرّ الحصاة شيئاً .۱

۸. كمال الدين : حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني والحسين بن إبراهيم بن ناتانة رضي اللَّه عنهما ، قالا : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، قال : أخبرني علي الأسواري قال : كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلّمون من كلّ فرقة وملّة يوم الأحد ، فيتناظرون في أديانهم ، يحتجّ بعضهم على بعض ، فبلغ ذلك الرشيد فقال ليحيى بن خالد : يا عبّاسي ، ما هذا المجلس الّذي بلغني في منزلك يحضره المتكلّمون ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، ما شي‏ء ممّا رفعني به أمير المؤمنين وبلغ بي من الكرامة والرفعة أحسن موقعاً عندي من هذا المجلس ، فإنّه يحضره كلّ قوم مع اختلاف مذاهبهم ، فيحتجّ بعضهم على بعض ، ويُعرف المحقّ منهم ، ويتبيّن لنا فساد كلّ مذهب من مذاهبهم . فقال له الرشيد : أنا أحبّ أن أحضر هذا المجلس وأسمع كلامهم ، على أن لا يعلموا بحضوري فيحتشموني ولا يظهروا مذاهبهم ، قال : ذلك إلى أمير المؤمنين متى شاء ، قال : فضع يدك على رأسي أن لا تعلمهم بحضوري ، ففعل ذلك .
وبلغ الخبر المعتزلة ، فتشاوروا بينهم وعزموا على أن لا يكلّموا هشاماً إلّا في الإمامة ؛ لعلمهم بمذهب الرشيد وإنكاره على مَن قال بالإمامة . قال : فحضروا وحضر هشام ، وحضر عبد اللَّه بن يزيد الإباضي ، وكان من أصدق الناس لهشام بن الحكم ، وكان يشاركه في التجارة . فلمّا دخل هشام سلّم على عبد اللَّه بن يزيد من بينهم ، فقال يحيى بن خالد لعبد اللَّه بن يزيد : يا عبد اللَّه ، كلّم هشاماً فيما اختلفتم فيه من الإمامة ، فقال هشام : أيّها الوزير ، ليس لهم علينا جواب ولا مسألة ، إنّ هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ، ثمّ فارقونا بلا علمٍ ولا معرفة ، فلا حين كانوا معنا عرفوا الحقّ ، ولا حين فارقونا علموا على ما فارقونا ، فليس لهم علينا مسألة ولا جواب .
فقال بَيانٌ - وكان من الحَرُورية - : أنا أسألك يا هشام ، أخبرني عن أصحاب عليّ يوم حَكّموا الحكمين ، أكانوا مؤمنين أم كافرين ؟ قال هشام : كانوا ثلاثة أصناف : صنفٌ مؤمنون ، وصنفٌ مشركون ، وصنفٌ ضُلّال . فأمّا المؤمنون ، فمن قال مثل قولي : إنّ عليّاً عليه السلام إمام من عند اللَّه عزّ و جلّ ومعاوية لا يصلح لها ، فآمنوا بما قال اللَّه عزّ و جلّ في علي عليه السلام وأقرّوا به . وأمّا المشركون ، فقوم قالوا : عليّ إمام ومعاوية يصلح لها ، فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع عليّ عليه السلام . وأمّا الضلّال فقوم خرجوا على الحمية والعصبية للقبائل والعشائر ، فلم يعرفوا شيئاً من هذا ، وهم جهّال .
قال : فأصحاب معاوية ما كانوا ؟ قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف كافرون ، وصنف مشركون ، وصنف ضلّال . فأمّا الكافرون ، فالذين قالوا : إنّ معاوية إمام وعليّ لا يصلح لها ، فكفروا من جهتين ، إذ جحدوا إماماً من اللَّه عزّ و جلّ ، ونصبوا إماماً ليس من اللَّه . وأمّا المشركون ، فقوم قالوا : معاوية إمام وعليّ يصلح لها ، فأشركوا معاوية مع علي عليه السلام . وأمّا الضلّال ، فعلى سبيل أُولئك خرجوا للحمية والعصبية للقبائل والعشائر . فانقطع بيان عند ذلك .
فقال ضرار : وأنا أسألك يا هشام في هذا ، فقال هشام : أخطأت ، قال : ولم ؟ قال : لأنّكم كلّكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي ، وقد سألني هذا عن مسألة وليس لكم أن تثنوا بالمسألة علَيَّ حتّى أسألك يا ضرار عن مذهبك في هذا الباب . قال ضرار : فسل ، قال : أتقول إنّ اللَّه عزّ و جلّ عدل لا يجور ؟ قال : نعم ، هو عدل لا يجور تبارك وتعالى ، قال : فلو كلّف اللَّه المُقعِد المشي إلى المساجد والجهاد في سبيل اللَّه ، وكلّف الأعمى قراءة المصاحف والكتب ، أتراه كان يكون عادلاً أم جائراً ؟ قال ضرار : ما كان اللَّه ليفعل ذلك ، قال هشام : قد علمت أنّ اللَّه لا يفعل ذلك ، ولكن ذلك على سبيل الجدل والخصومة أن لو فعل ذلك أليس كان في فعله جائراً ؛ إذ كلّفه تكليفاً لا يكون له السبيل إلى إقامته وأدائه ؟ قال : لو فعل ذلك لكان جائراً ، قال : فأخبرني عن اللَّه عزّ و جلّ ، كلّف العباد ديناً واحداً لا اختلاف فيه ، لا يقبل منهم إلّا أن يأتوا به كما كلّفهم ؟ قال : بلى ، قال : فجعل لهم دليلاً على وجود ذلك الدين أو كلّفهم ما لا دليل لهم على وجوده ، فيكون بمنزلة من كلّف الأعمى قراءة الكتب والمُقعِد المشي إلى المساجد والجهاد !
قال : فسكت ضرار ساعةً ، ثمّ قال : لا بدّ من دليل وليس بصاحبك . قال : فتبسّم هشام وقال : تشيّعَ شَطرُكَ وصرت إلى الحقّ ضرورة ، ولا خلاف بيني وبينك إلّا في التسمية ، قال ضرار : فإنّي أُرجع القول عليك في هذا ، قال : هات ، قال ضرار لهشام : كيف تعقد الإمامة ؟ قال هشام : كما عقد اللَّه عزّ و جلّ النبوّة ، قال : فهو إذاً نبيّ ! قال هشام : لا لأنّ النبوّة يعقدها أهل السماء ، والإمامة يعقدها أهل الأرض ، فعقد النبوّة بالملائكة ، وعقد الإمامة بالنبيّ ، والعقدان جميعاً بأمر اللَّه عزّ و جلّ .
قال : فما الدليل على ذلك ؛ قال هشام : الاضطرار في هذا ، قال ضرار : وكيف ذلك ؟ قال هشام : لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه : إمّا أن يكون اللَّه عزّ و جلّ رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله ، فلم يكلّفهم ولم يأمرهم ولم ينههم ، فصاروا بمنزلة السباع والبهائم الّتي لا تكليف عليها ، أفتقول هذا يا ضرار إنّ التكليف عن الناس مرفوع بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله ؟ قال : لا أقول هذا ، قال هشام : فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلّفون قد استحالوا بعد الرسول صلى اللّه عليه و آله علماء في مثل حدّ الرسول في العلم ، حتّى لا يحتاج أحدٌ إلى أحدٍ فيكونوا كلّهم قد استغنوا بأنفسهم وأصابوا الحقّ الّذي لا اختلاف فيه، أفتقول هذا إنّ الناس استحالوا علماء حتّى صاروا في مثل حدّ الرسول في العلم بالدين حتّى لايحتاج أحدٌ إلى أحدٍ مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحقّ ؟ قال : لا أقول هذا ، ولكنّهم يحتاجون إلى غيرهم ، قال : فبقي الوجه الثالث ، وهو أنّه لا بدّ لهم من عالمٍ يقيمه الرسول لهم ، لا يسهو ولا يغلط ولا يحيف معصوم من الذنوب ، مبرّأ من الخطايا ، يحتاج الناس إليه ولا يحتاج إلى أحد .
قال : فما الدليل عليه ؟ قال هشام : ثمان دلالات ؛ أربعٌ في نعت نسبه ، وأربعٌ في نعت نفسه . فأمّا الأربع الّتي في نعت نسبه : فإنّه يكون معروف الجنس ، معروف القبيلة ، معروف البيت ، وأن يكون من صاحب الملّة والدعوة إليه إشارة ، فلم يرَ جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذين منهم صاحب الملّة والدعوة ، الّذي يُنادى باسمه في كلّ يوم خمس مرّات على الصوامع : أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه ، فتصل دعوته إلى كلّ برٍّ وفاجر ، وعالمٍ وجاهل ، مقرٍّ ومنكر ، في شرق الأرض وغربها ، ولو جاز أن تكون الحجّة من اللَّه على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتى على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده ،

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۳ ، ح ۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۸ ، ص ۱۵۸ ، ح ۳۰ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
328

۳. الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن الحسين بن الحسن بن عاصم ، عن أبيه قال : دخلت على أبي إبراهيم عليه السلام وفي يده مشط عاج يتمشّط به ، فقلت له : جُعلت فداك ، إنّ عندنا بالعراق من يزعم أنّه لا يحلّ التمشّط بالعاج . قال : ولِمَ ؟ فقد كان لأبِي عليه السلام منها مشط أو مشطان . ثمّ قال : تمشّطوا بالعاج ، فإنّ العاج يُذهب بالوباء .۱

۴. الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن مُرازِم قال : دخلت مع أبي الحسن عليه السلام الحمّامَ ، فلمّا خرج إلى المسلخ دعا بمجمرة فتجمّر بها ، ثمّ قال : جمّروا مُرازِم قال : قلت : مَن أراد أن يأخذ نصيبه يأخذ ؟ قال : نعم .۲

۵. الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن عليّ بن عطية ، عن هشام بن أحمر قال : كنت أسير مع أبي الحسن عليه السلام في بعض أطراف المدينة ، إذ ثنّى رجله عن دابّته فخرّ ساجداً ، فأطال وأطال ، ثمّ رفع رأسه وركب دابّته ، فقلت : جُعلت فداك ، قد أطلت السجود ؟ فقال : إنني ذكرت نعمةً أنعم اللَّه بها عَليَّ ، فأحببت أن أشكر ربّي .۳

۶. الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن حفص بن البختريّ وغيره ، عن عيسى شَلقَان قال : كنت قاعداً فمرّ أبو الحسن موسى عليه السلام ومعه بَهمَةٌ۴ ، قال : قلت : يا غلام ، ما ترى ما يصنع أبوك ، يأمرنا بالشي‏ء ثمّ ينهانا عنه ، أمرنا أن نتولّى أبا الخطّاب ثمّ أمرنا أن نلعنه ونتبرّأ منه . فقال أبو الحسن عليه السلام وهو غلام : إنّ اللَّه خلق خلقاً للإيمان لا زوال له ، وخلق خلقاً للكفر لا زوال له ، وخلق خلقاً بين ذلك أعارَهُ الإيمان يُسمّون المعارين إذا شاء سلبهم ، وكان أبو الخطّاب ممّن أُعِيرَ الإيمان . قال : فدخلت على أبي عبد اللَّه عليه السلام فأخبرته ما قلت لأبي الحسن عليه السلام وما قال لي ، فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام : إنّه نَبعةُ نُبوّة .۵

1.الكافي ، ج ۶ ، ص ۴۸۸ ، ح ۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۸ ، ص ۱۱۱ ، ح ۱۶ .

2.الكافي ، ج ۶ ، ص ۵۱۸ ، ح ۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۸ ، ص ۱۱۱ ، ح ۱۹ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۸ ، ح ۲۶ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۸ ، ص ۱۱۶ ، ح ۲۹ .

4.البِهام: جمع بَهْم. والبَهْمُ: جمع بَهْمَةٍ ، وهي أولاد الضأن ( انظر : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۷۵ « بهم » ) .

5.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۱۸ ، ح ۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۸ ، ص ۱۱۶ ، ح ۳۰ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9308
صفحه از 516
پرینت  ارسال به