منهم عشرةً من المشركين ليس له أن يولّي وجهه عنهم ، ومن ولّاهم يومئذٍ دُبُرَه فقد تبوّأ مقعده من النار ، ثمّ حوّلهم عن حالهم رحمةً منه لهم ، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من اللَّه عزّ و جلّ للمؤمنين ، فنسخ الرجلانِ العشرةَ .
وأخبروني أيضاً عن القضاة ، أجَوَرَةٌ هم حيث يقضون على الرجل منكم نفقةَ امرأته إذا قال : إنّي زاهد ، وإنّي لا شيء لي ؟ فإن قلتم : جَوَرَة ، ظَلّمكم أهل الإسلام ، وإن قلتم : بل عدول ، خصمتم أنفسكم ، وحيث تردّون صدقةَ مَن تصدّق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث ، أخبروني ، لو كان الناس كلّهم كالذين تريدون زهّاداً لا حاجة لهم في متاع غيرهم ، فعلى مَن كان يُتصدّق بكفّارات الأيمان والنذور والصدقات من فرض الزكاة من الذهب والفضّة والتمر والزبيب وسائر ما وجب فيه الزكاة من الإبل والبقر والغنم وغير ذلك ؟ إذا كان الأمر كما تقولون ، لا ينبغي لأحدٍ أن يحبس شيئاً مِن عَرَض الدنيا إلّا قدّمه وإن كان به خصاصة ، فبئسما ذهبتم إليه وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب اللَّه عزّ و جلّ وسنّة نبيّه صلى اللّه عليه و آله وأحاديثه الّتي يصدّقها الكتاب المنزل ، وردّكم إيّاها بجهالتكم ، وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ والمحكم والمتشابه والأمر والنهي .
وأخبروني ، أين أنتم عن سليمان بن داوود عليه السلام حيث سأل اللَّه مُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده ، فأعطاه اللَّه جلّ اسمه ذلك ، وكان يقول الحقّ ويعمل به ، ثمّ لم نجد اللَّه عزّ و جلّ عاب عليه ذلك ولا أحداً من المؤمنين ، وداوود النبيّ عليه السلام قبله في ملكه وشدّة سلطانه ، ثمّ يوسف النبيّ عليه السلام حيث قال لملك مصر : « اجْعَلْنِى عَلَى خَزَآلِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ »۱، فكان من أمره الّذي كان أن اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن ، وكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعةٍ أصابتهم ، وكان يقول الحقّ ويعمل به ، فلم نجد أحداً عاب ذلك عليه . ثمّ ذو القرنين عبد أحبّ اللَّه فأحبّه اللَّه وطوى له الأسباب ، وملّكه مشارق الأرض ومغاربها ، وكان يقول الحقّ ويعمل به ، ثمّ لم نجد أحداً عاب ذلك عليه . فتأدّبوا أيّها النفر بآداب اللَّه عزّ و جلّ للمؤمنين ، واقتصروا على أمر اللَّه ونهيه ، ودعوا عنكم ما اشتبه