217
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

فلمّا أضاء له النهار أفاض حتّى انتهى إلى منىً ، فرمى جمرة العقبة .
وكان الهدي الّذي جاء به رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله أربعةً وستّين أو ستّةً وستّين ، وجاء عليٌّ عليه السلام بأربعة وثلاثين أو ستّة وثلاثين ، فنحر رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ستّةً وستّين ، ونحر عليٌّ عليه السلام أربعة وثلاثين بَدَنةً ، وأمر رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله أن يؤخذ من كلّ بَدَنة منها جَذوَةٌ۱ من لحمِ ثمّ تُطرح في بُرمَةٍ۲ ثمّ تُطبخ ، فأكل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وعليٌّ وحسيا۳من مرقها ، ولم يعطيا الجزّارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها ، وتصدّق به ، وحلق وزار البيت ، ورجع إلى منىً وأقام بها ، حتّى كان اليوم الثالث من آخر أيّام التشريق ، ثمّ رمى الجمار ونفر حتّى انتهى إلى الأبطح ، فقالت له عائشة : يا رسول اللَّه ، ترجع نساؤك بحجّة وعمرة معاً ، وأرجع بحجّة ؟ فأقام بالأبطح وبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم ، فأهلّت بعمرة ، ثمّ جاءت وطافت بالبيت ، وصلّت ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام ، وسعت بين الصفا والمروة ، ثمّ أتت النبيّ ، فارتحل من يومه ولم يدخل المسجد الحرام ولم يطف بالبيت ، ودخل من أعلى مكّة من عقبة المدنيّين ، وخرج من أسفل مكّة من ذي طوًى .۴

۹۲. الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عُمَير وصفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال : أمر رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله حين نحر أن تؤخذ من كلّ بَدَنَةٍ حُذوَةٌ من لحمها ثمّ تُطرح في بُرمَةٍ ثمّ تطبخ ، وأكل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وعليٌّ عليه السلام منها وحَسَيا من مرقها .۵

۹۳. الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن ابن أبي عُمَير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال : إنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله حين حجّ حجّة الإسلام ، خرج في أربعٍ بقين من ذي القعدة ، حتّى أتى الشجرة فصلّى بها ، ثمّ

1.الجَذّ : القطع (مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۲۷۸ «جذذ») .

2.البُرمة : قِدر من حجارة ، والجمع بَرَمٌ وبِرامٌ وبُرمٌ ( لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۴۵ « برم » ) .

3.حسا زيد المرق حسواً : شربه شيئاً بعد شي‏ء . قال سيبويه : التحسّي عمل في مهلة ( تاج العروس ، ج ۱۹ ، ص ۳۱۸ « حسو » ) .

4.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۴۵ ، ح ۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۱ ، ص ۳۹۰ ، ح ۱۳ .

5.الكافي ، ج ۴ ، ص ۴۹۹ ، ح ۱ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۱ ، ص ۳۹۴ ، ح ۱۶ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
216

بما أهلَلتَ ، قال : يا رسول اللَّه ، إهلالاً كإهلال النبيّ ؟ فقال له رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : قِرَّ على إحرامك مثلي ، وأنت شريكي في هديي .
قال : ونزل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بمكّة بالبطحاء هو وأصحابه ، ولم ينزل الدور ، فلمّا كان يوم التروية عند زوال الشمس ، أمر الناس أن يغتسلوا ويهلّوا بالحجّ ، وهو قول اللَّه عزّ و جلّ الّذي أنزل على نبيّه صلى اللّه عليه و آله ، فاتّبعوا « مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَ هِيمَ »۱. فخرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأصحابه مُهلّين بالحجّ ، حتّى أتى مِنىً ، فصلّى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، ثمّ غدا والناس معه ، وكانت قريش تفيض من المزدلفة وهي جمع ، ويمنعون الناس أن يفيضوا منها ، فأقبل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وقريش ترجوا أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون ، فأنزل اللَّه تعالى عليه : « ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ »۲، يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في إفاضتهم منها ومن كان بعدهم ، فلمّا رأت قريش أنّ قبّة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله قد مضت ، كأنّه دخل في أنفسهم شي‏ء للّذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم .
حتّى انتهى إلى نمرة ، وهي بطن عُرَنَة بحيال الأراك ، فضُرِبت قبّته ، وضَرَبَ الناسُ أخبيتهم عندها ، فلمّا زالت الشمس خرج رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ومعه قريش وقد اغتسل وقطع التلبية حتّى وقف بالمسجد ، فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم ، ثمّ صلّى الظهر والعصر بأذانٍ وإقامتين ، ثمّ مضى إلى الموقف فوقف به ، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها ، فنحّاها ففعلوا مثل ذلك ، فقال : أيّها الناس ! ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ، ولكن هذا كلّه . وأومأ بيده إلى الموقف ، فتفرّق الناس .
وفعل مثل ذلك بالمزدلفة ، فوقف الناس حتّى وقع القرص - قرص الشمس ، ثمّ أفاض وأمر الناس بالدَّعَةِ ، حتّى انتهى إلى المزدلفة وهو المشعر الحرام ، فصلّى المغرب والعشاء الآخرة بأذانٍ واحد وإقامتين ، ثمّ أقام حتّى صلّى فيها الفجر ، وعجّل ضعفاء بني هاشم بلَيلٍ ، وأمرهم أن لا يرموا الجمرة - جمرة العقبة - حتّى تطلع الشمس ،

1.سورة الحجّ ( ۲۲ ) ، الآية ۷۸ .

2.سورة البقرة ( ۲ ) ، الآية ۱۹۹ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11316
صفحه از 516
پرینت  ارسال به