215
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

الميل الأوّل ، فصُفّ له سماطان ، فلبّى بالحجّ مفرداً ، وساق الهدي ستّاً وستّين ، أو أربعاً وستّين ، حتّى انتهى إلى مكّة في سَلخِ أربعٍ من ذي الحجّة ، فطاف بالبيت سبعة أشواط ، ثمّ صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام ، ثمّ عاد إلى الحجر فاستلمه ، وقد كان استلمه في أوّل طوافه ، ثمّ قال : إنّ الصفا والمروة من شعائر اللَّه ، فأبدأُ بما بدأ اللَّه تعالى به . وإنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّ السعي بين الصفا والمروة شي‏ء صنعه المشركون فأنزل اللَّه عزّ و جلّ : «إِنَّ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةَ مِن شَعَآلِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا »۱.
ثمّ أتى الصفا فصعد عليه واستقبل الركن اليمانيّ ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ودعا مقدار ما يُقرأ سورة البقرة مترسّلاً ، ثمّ انحدر إلى المروة ، فوقف عليها كما وقف على الصفا ، ثمّ انحدر وعاد إلى الصفا ، فوقف عليها ، ثمّ انحدر إلى المروة حتّى فرغ من سعيه ، فلمّا فرغ من سعيه وهو على المروة ، أقبل على الناس بوجهه فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ هذا جبرئيل عليه السلام - وأومأ بيده إلى خلفه - يأمرني أن آمر من لم يسق هدياً أن يحلّ ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ، ولكنّي سقت الهدي ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه .
قال : فقال له رجل من القوم : لنخرجنّ حجّاجاً ورؤوسنا وشعورنا تقطر ! فقال له رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : أما إنّك لن تؤمن بهذا أبداً . فقال له سراقة بن مالك بن جعشم الكنانيّ : يا رسول اللَّه ، علّمنا ديننا كأنّا خُلقنا اليوم ، فهذا الّذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يَستقبلُ ؟ فقال له رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : بل هو للأبد إلى يوم القيامة ، ثمّ شبّك أصابعه وقال : دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة . قال : وقدم عليٌّ عليه السلام من اليمن على رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وهو بمكّة ، فدخل على فاطمة سلام اللَّه عليها وهي قد أحلّت ، فوجد ريحاً طيّبةً ووجد عليها ثياباً مصبوغةً ، فقال : ما هذا يا فاطمة ؟ فقالت : أمرنا بهذا رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فخرج عليٌّ عليه السلام إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله مستفتياً ، فقال : يا رسول اللَّه ، إنّي رأيت فاطمة قد أحلّت وعليها ثياب مصبوغة . فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : أنا أمرت الناس بذلك ، فأنت يا عليّ

1.سورة الحجّ ( ۲۲ ) ، الآية ۲۷ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
214

الأنصار واجتمعت إلى سعد بن عبادة ، فانطلق بهم إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بالجِعرَانة ، فقال : يا رسول اللَّه ، أتأذن لي في الكلام ؟ فقال : نعم ، فقال : إن كان هذا الأمر من هذه الأموال الّتي قَسَمتَ بين قومك شيئاً أنزله اللَّه رضينا ، وإن كان غير ذلك لم نرضَ ! قال زرارة وسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : يا معشر الأنصار ، كلّكم على قول سيّدكم سعد ؟ فقالوا : سيّدنا اللَّه ورسوله . ثمّ قالوا في الثالثة : نحن على مثل قوله ورأيه . قال زرارة : فسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : فحطّ اللَّه نورهم ، وفرض اللَّه للمؤلّفة قلوبهم سهماً في القرآن .۱

۸۹. الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن يوم الحجّ الأكبر ؟ فقال : هو يوم النحر ، والحجّ الأصغر العمرة .۲

۹۰. الكافي : عليٌّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان وابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام (في حديث آداب

۹۱. الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن ابن أبي عُمَير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال : إنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ ، ثمّ أنزل اللَّه عزّ و جلّ عليه : «وَ أَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِ‏ّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَ عَلَى‏ كُلِ‏ّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِ‏ّ فَجٍ‏ّ عَمِيقٍ »۳، فأمر المؤذّنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم بأنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله يحجّ في عامه هذا ، فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب ، واجتمعوا لحجّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، وإنّما كانوا تابعين ينظرون ما يُؤمرون ويتّبعونه أو يصنع شيئاً فيصنعونه ، فخرج رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله في أربع بقين من ذي القعدة ، فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة زالت الشمس ، فاغتسل ، ثمّ خرج حتّى أتى المسجد الّذي عند الشجرة ، فصلّى فيه الظهر وعزم بالحجّ مفرداً ، وخرج حتّى انتهى إلى البيداء عند

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۱۱ ، ح ۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۱ ، ص ۱۷۷ ، ح ۱۱ .

2.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۹۰ ، ح ۱ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۱ ، ص ۲۷۲ ، ح ۱ .

3.سورة البقرة ( ۲ ) ، الآية ۱۵۸ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11315
صفحه از 516
پرینت  ارسال به