209
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

سفيان ، فقال عمرو بن العاص : لو علمنا أنّك أمير المؤمنين ما حاربناك ، ولكن اكتب : هذا ما اصطلح عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : صدق اللَّه وصدق رسوله صلى اللّه عليه و آله ، أخبرني رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بذلك . ثمّ كتب الكتاب .
قال : فلمّا كتبوا الكتاب ، قامت خزاعة فقالت : نحن في عهد محمّد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وعقده ، وقامت بنو بكر فقالت : نحن في عهد قريش وعقدها ، وكتبوا نسختين ، نسخةً عند رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، ونسخةً عند سهيل بن عمرو ، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبراهم . وقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله لأصحابه : انحروا بُدنكم واحلقوا رؤوسكم ، فامتنعوا وقالوا : كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة ؟ فاغتمّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله من ذلك وشكا ذلك إلى أُمّ سلمة ، فقالت : يا رسول اللَّه ، انحر أنت واحلق . فنحر رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وحلق ، ونحر القوم على حيث يقينٍ وشكٍّ وارتياب . فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله تعظيماً للبُدن : رحم اللَّه المحلّقين ، وقال قوم لم يسوقوا البدن : يا رسول اللَّه والمقصّرين ؟ لأنّ من لم يسق هدياً لم يجب عليه الحلق ، فقال رسول اللَّه ثانياً : رحم اللَّه المحلّقين الّذين لم يسوقوا الهدي ، فقالوا : يا رسول اللَّه ، والمقصّرين ؟ فقال : رحم اللَّه المقصّرين .
ثمّ رحل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله نحو المدينة ، فرجع إلى التنعيم ، ونزل تحت الشجرة ، فجاء أصحابه الّذين أنكروا عليه الصلح واعتذروا ، وأظهروا الندامة على ما كان منهم ، وسألوا رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله أن يستغفر لهم ، فنزلت آية الرضوان . نزل « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ ... »۱ .

۸۲. الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن معاوية بن حكيم عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن الحسن بن عليّ الصيرفيّ ، عن بعض أصحابنا قال : سُئل أبو عبد اللَّه عليه السلام عن السعي بين الصفا والمروة ، فريضةً أم سُنّة ؟ فقال : فريضة ، قلت : أوَليس قال اللَّه عزّ و جلّ : «فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا »۲؟ قال : كان ذلك في عمرة القضاء ، إنّ رسول

1.تفسير القمي ، ج ۲ ، ص ۳۰۹ (سورة الفتح) ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۰ ، ص ۳۴۷ ، ح ۴.

2.سورة البقرة ( ۲ ) ، الآية ۱۵۸ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
208

ألستم أصحابي يوم كذا ؟ فاعتذروا إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وندموا على ما كان منهم ، وقالوا : اللَّه أعلم ورسوله ، فاصنع ما بدا لك .
ورجع حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فقالا : يا محمّد ، قد أجابت قريش إلى ما اشترطت عليهم من إظهار الإسلام ، وأن لا يُكره أحد على دينه . فدعا رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بالمُكتِب ، ودعا أمير المؤمنين عليه السلام وقال له : اكتب . فكتب أمير المؤمنين عليه السلام : بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، فقال سهيل بن عمرو : لا نعرف الرحمن ، اكتب كما كان يكتب آباؤك : باسمك اللّهمّ ، فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : اكتب باسمك اللّهمّ ، فإنّه اسم من أسماء اللَّه . ثمّ كتب : هذا ما اصطلح عليه محمّد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله والملأ من قريش ، فقال سهيل بن عمرو : ولو علمنا أنّك رسول اللَّه ما حاربناك ! اكتب : هذا ما تقاضى عليه محمّد بن عبد اللَّه ، أتأنف من نسبك يا محمّد ؟ فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : أنا رسول اللَّه وإن لم تقرّوا . ثمّ قال : امح يا عليّ واكتب : محمّد بن عبد اللَّه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ما أمحو اسمك من النبوّة أبداً ، فمحاه رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بيده، ثمّ كتب: هذا ما تقاضى عليه محمّد بن عبد اللَّه والملأ من قريش وسهيل بن عمرو ، واصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين ، على أن يكفّ بعض عن بعض ، وعلى أنّه لا إسلال ولا إغلال ، وأنّ بيننا وبينهم غيبةً مكفوفةً ، وأنّه من أحبّ أن يدخل في عهد محمّد وعقده فعل ، وأنّ من أحبّ أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل ، وأنّه من أتى من قريش إلى أصحاب محمّد بغير إذن وليّه يردّه إليه ، وأنّه من أتى قريشاً من أصحاب محمّد لم يردّوه إليه ، وأن يكون الإسلام ظاهراً بمكّة ، لا يُكره أحد على دينه ولا يُؤذى ولا يعيّر ، وأنّ محمّداً يرجع عنهم عامه هذا وأصحابه ثمّ يدخل علينا في العام القابل مكّة ، فيقيم فيها ثلاثة أيّام ، ولا يدخل عليها بسلاحٍ إلّا سلاح المسافر ، السيوف في القراب .
وكتب عليّ بن أبي طالب ، وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار .
ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : يا عليّ ، إنّك أبيت أن تمحو اسمي من النبوّة ، فوالّذي بعثني بالحقّ نبيّاً لتجيبنّ أبناءهم إلى مثلها وأنت مَضيضٌ مُضطهد . فلمّا كان يوم صفّين ورضوا بالحكمين ، كتب : هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن‏أبي

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11413
صفحه از 516
پرینت  ارسال به