العرب ، فإنّ العرب قد تسامعت بمسيرك ، فإن دخلت بلادنا وحرمنا استذلّتنا العرب واجترأت علينا ، ونخلّي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيّام حتّى تقضي نسكك وتنصرف عنّا .
فأجابهم رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله إلى ذلك ، وقالوا له : وتردّ إلينا كلّ من جاءك من رجالنا ، ونردّ إليك كلّ من جاءنا من رجالك . فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ، ولكن على أنّ المسلمين بمكّة لا يُؤذون في إظهارهم الإسلام ، ولا يُكرهون ، ولا ينكر عليهم شيء يفعلونه من شرائع الإسلام . فقبلوا ذلك . فلمّا أجابهم رسول اللَّه إلى الصلح أنكر عامّة أصحابه ، وأشدّ ما كان إنكاراً فلان ، فقال : يا رسول اللَّه ، ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل ؟ فقال : نعم ، قال : فنعطي الذلّة (الدنيّة ح) في ديننا ؟ قال : إنّ اللَّه قد وعدني ولن يخلفني ، قال : لو أنّ معي أربعين رجلاً لخالفته .
ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبرهم بالصلح ، فقال عمر : يا رسول اللَّه ، ألم تقل لنا أن ندخل المسجد الحرام ونحلق مع المحلّقين ؟ فقال : أمن عامنا هذا وعدتك ؟ قلت لك إنّ اللَّه عزّ و جلّ قد وعدني أن أفتح مكّة وأطوف وأسعى مع المحلّقين . فلمّا أكثروا عليه صلى اللّه عليه و آله قال لهم : إن لم تقبلوا الصلح فحاربوهم . فمرّوا نحو قريش وهم مستعدّون للحرب وحملوا عليهم ، فانهزم أصحاب رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله هزيمةً قبيحةً ، ومرّوا برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فتبسّم رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، ثمّ قال : يا عليّ ، خذ السيف واستقبل قريشاً ، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام سيفه وحمل على قريش ، فلمّا نظروا إلى أمير المؤمنين عليه السلام تراجعوا ، وقالوا : يا عليّ ، بدا لمحمّد فيما أعطانا ؟ فقال : لا .
وتراجع أصحاب رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله مستحيين ، وأقبلوا يعتذرون إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فقال لهم رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : ألستم أصحابي يوم بدر إذ أنزل اللَّه فيكم : «إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَئِكَةِ مُرْدِفِينَ »۱؟ ألستم أصحابي يوم أُحد «إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُنَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِى أُخْرَلكُمْ »۲ ألستم أصحابي يوم كذا ؟