193
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

مذلك الماء فاغسل به وجهك وعلّمه غسل الوجه فإنّك تريد أن تنظر إلى عظمتي وأنت طاهر ، ثمّ اغسل ذراعيك اليمين واليسار وعلّمه ذلك فإنّك تريد أن تتلقّى بيديك كلامي ، وامسح بفضل ما في يديك من الماء رأسك ورجليك إلى كعبيك وعلّمه المسح برأسه ورجليه ، وقال : إنّي أُريد أن أمسح رأسك وأبارك عليك ، فأمّا المسح على رجليك فإنّي أُريد أن أوطئك موطئاً لم يطأه أحدٌ قبلك ، ولا يطأه أحدٌ غيرك . فهذا علّة الوضوء والأذان .
ثمّ قال : يا محمّد ، استقبل الحجر الأسود وهو بحيالي ، وكبّرني بعدد حُجُبي فمن أجل ذلك صار التكبير سبعاً ؛ لأنّ الحجب سبعةٌ وافتتح القراءة عند انقطاع الحجب فمن أجل ذلك صار الافتتاح سُنّةً والحُجُب مطابقةً ثلاثاً بعدد النور الّذي أنزل على محمّد ، ثلاث مرّات ، فلذلك كان الافتتاح ثلاث مرّات ، فمن أجل ذلك كان التكبير سبعاً والافتتاح ثلاثاً .
فلمّا فرغ من التكبير والافتتاح قال اللَّه عزّ و جلّ : الآن وصلت إليّ ، فسمّ باسمي ، فقال : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » ، فمن أجل ذلك جُعل « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » في أوّل كلّ سورة . ثمّ قال له : احمدني ، فقال : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ‏ّ الْعَلَمِينَ »۱، وقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله في نفسه شكراً ، فقال اللَّه : يا محمّد ، قطعت حمدي فسمّ باسمي فمن أجل ذلك جُعل في الحمد «الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » مرّتين. فلمّا بلغ «وَ لَا الضَّآلِّينَ » قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : الحمد للَّه ربّ العالمين شكراً ، فقال اللَّه العزيز الجبّار : قطعت ذكري فسمّ باسمي فقال : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » ، فمن أجل ذلك جُعل : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » بعد الحمد في استقبال السورة الأُخرى . فقال له : اقرأ : «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ »۲ كما أنزلتُ ، فإنّها نسبتي ونعتي ، ثمّ طأطِئ يديك واجعلها على ركبتيك فانظر إلى عرشي . قال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : فنظرت إلى عَظَمَةٍ ذهبت لها نفسي ، وغُشي عليَّ ، فأُلهمت أن قلت : سبحان ربّي العظيم وبحمده ؛ لعظم ما رأيت ، فلمّا قلت ذلك تجلّى الغشي عنّي ، حتّى قلتها سبعاً ،

1.سورة الفاتحة ( ۱ ) ، الآية ۲ .

2.سورة الإخلاص ( ۱۱۲ ) ، الآية ۱ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
192

محمّداً رسول اللَّه ، فاجتمعت الملائكة وفُتِحت أبواب السماء ، وقالت : مرحباً بالأوّل ومرحباً بالآخر ، ومرحباً بالحاشر ومرحباً بالناشر ، محمّد خاتم النبيّين ، وعليّ خير الوصيّين . فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : سلّموا عليَّ وسألوني عن عليّ أخي ، فقلت : هو في الأرض خليفتي ، أو تَعرفونه ؟ فقالوا : نعم ، كيف لا نعرفه وقد نحجّ البيت المعمور في كلّ سنة مرّةً وعليه رقٌّ أبيض فيه اسم محمّد صلى اللّه عليه و آله وعليّ والحسن والحسين والأئمّة وشيعتهم إلى يوم القيامة ؟ وإنّا لنبارك على رؤوسهم بأيدينا .
ثمّ زادني ربّي عزّ و جلّ أربعين نوعاً من أنواع النور ، لا تشبه شيئاً من تلك الأنوار الأُوَل ، وزادني حلقاً وسلاسل ، ثمّ عرج بي إلى السماء الرابعة ، فلم تقل الملائكة شيئاً ، وسمعت دويّاً كأنّه في الصدور ، واجتمعت الملائكة ففُتحت أبواب السماء ، وخرجت إليَّ معانيق ، فقال جبرئيل عليه السلام : حيّ على الصلاة حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح ، فقالت الملائكة : صوتين مقرونين ، بمحمّد تقوم الصلاة ، وبعليّ الفلاح ، فقال جبرئيل : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، فقالت الملائكة : هي لشيعته أقاموها إلى يوم القيامة .
ثمّ اجتمعت الملائكة فقالوا للنبيّ صلى اللّه عليه و آله : أين تركت أخاك وكيف هو ؟ فقال لهم : أتعرفونه ؟ فقالوا : نعم ، نعرفه وشيعته ، وهو نور حول عرش اللَّه ، وإنّ في البيت المعمور لرقّاً من نور فيه كتاب من نور فيه اسم محمّد وعليّ والحسن والحسين والأئمّة عليهم السلام وشيعتهم لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل ، إنّه لميثاقنا الّذي أُخذ علينا ، وإنّه لَيُقرأ علينا في كلّ يوم جمعة . فسجدت للَّه شكراً ، فقال : يا محمّد ، ارفع رأسك ، فرفعت رأسي ، فإذا أطناب السماء قد خُرِقت والحُجُب قد رُفِعت ، ثمّ قال لي : طأطئ رأسك وانظر ماذا ترى ، فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيتكم هذا وحرمكم هذا ، فإذا هو مثل حرم ذلك البيت يتقابل ، لو ألقيت شيئاً من يدي لم يقع إلّا عليه ، فقال لي : يا محمّد ، هذا الحرم وأنت الحرام ، ولكلّ مثل مثال .
ثمّ قال ربّي عزّ و جلّ : يا محمّد ، مدّ يدك فيتلقّاك ما يسيل من ساق عرشي الأيمن ، فنزل الماء فتلقّيته باليمين ، فمن أجل ذلك صار أوّل الوضوء باليمنى ، ثمّ قال : يا محمّد ، خذ

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11850
صفحه از 516
پرینت  ارسال به