وكّله اللَّه بأكناف السموات وأطراف الأرضين ، وهو أنصح ملائكة اللَّه تعالى لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منذ خُلق .
وملكان يناديان في السماء ، أحدهما يقول : اللّهمّ أعطِ كلّ منفق خلفاً ، والآخر يقول : اللّهمّ أعطِ كلّ ممسكٍ تلفاً . ثمّ مضيت ، فإذا أنا بأقوامٍ لهم مشافر كمشافر الإبل ، يُقرض اللّحم من جنوبهم ويُلقى في أفواههم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال : هؤلاء الهمّازون اللّمّازون . ثمّ مضيت ، فإذا أنا بأقوامٍ تُرضخ رؤوسهم بالصّخر ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الّذين ينامون عن صلاة العشاء. ثمّ مضيت، فإذا أنا بأقوامٍ تُقذف النار في أفواههم وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال : هؤلاء «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَ لَ الْيَتَمَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا »۱.
ثمّ مضيت ، فإذا أنا بأقوامٍ يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ قال : هؤلاء : «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَواْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَنُ مِنَ الْمَسِّ »۲، فإذا هم مثل آل فرعون يعرضون على النار «غُدُوًّا وَ عَشِيًّا »۳، يقولون : ربّنا متى تقوم الساعة . قال : ثمّ مضيت فإذا أنا بنسوان معلّقات بثديهنّ ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال : هؤلاء اللّواتي يورّثن أموال أزواجهنّ أولاد غيرهم . ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : اشتدّ غضب اللَّه على امرأةٍ أدخلت على قومٍ في نسبهم من ليس منهم ، فاطّلع على عوراتهم وأكل خزائنهم .
قال : ثمّ مررنا بملائكةٍ من ملائكة اللَّه عزّ و جلّ ، خلقهم اللَّه كيف شاء ، ووضع وجوههم كيف شاء ، ليس شيء من أطباق أجسادهم إلّا وهو يسبّح اللَّه ويحمّده من كلّ ناحية بأصواتٍ مختلفة ، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية اللَّه ، فسألت جبرئيل عليه السلام عنهم ؟ فقال : كما ترى خُلقوا ، إنّ الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلّمه قطّ ، ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها ، ولا خفضوها إلى ما تحتهم ؛ خوفاً من اللَّه وخشوعاً ، فسلّمت