جبرئيل : أتسمع يا محمّد ؟ قلت: نعم ، قال : هذه صخرة قذفتُها عن شفير جهنّم منذ سبعين عاماً ، فهذا حين استقرّت . قالوا : فما ضحك رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله حتّى قُبِض .
قال : فصعد جبرئيل عليه السلام وصعدت معه إلى سماء الدنيا ، وعليها ملك يقال له : إسماعيل ، وهو صاحب الخطفة الّتي قال اللَّه عزّ و جلّ : «إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ »۱، وتحته سبعون ألف ملك ، تحت كلّ ملك سبعون ألف ملك ، فقال : يا جبرئيل ، من هذا معك ؟ فقال : محمّد صلى اللّه عليه و آله ، قال : أوقد بُعث ؟ قال: نعم . ففتح الباب فسلّمت عليه وسلّم عليَّ ، واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحباً بالأخ الناصح والنبيّ الصالح ، وتلقّتني الملائكة حتّى دخلت السماء الدنيا ، فما لقيني ملك إلّا ضاحكاً مستبشراً ، حتّى لقيني ملك من الملائكة لم أرَ أعظم خلقاً منه ، كريه المنظر ، ظاهر الغضب ، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء ، إلّا أنّه لم يضحك ، ولم أرَ فيه من الاستبشار وما رأيت ممّن ضحك من الملائكة ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟ فإنّي قد فزعت ، فقال : يجوز أن تفزع منه ، وكلّنا نفزع منه ، هذا مالك خازن النار ، لم يضحك قطّ ، ولم يزل منذ ولّاه اللَّه جهنّم ، يزداد كلّ يوم غضباً وغيظاً على أعداء اللَّه وأهل معصيته ، فينتقم اللَّه به منهم ، ولو ضحك إلى أحدٍ كان قبلك أو كان ضاحكاً إلى أحدٍ بعدك لضحك إليك ، ولكنّه لا يضحك .
فسلّمت عليه ، فردّ عليَّ السلام وبشّرني بالجنّة ، فقلت لجبرئيل عليه السلام - وجبرئيل عليه السلام بالمكان الّذي وصفه اللَّه «مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ » : ألا تأمره أن يريني النار ؟ فقال له جبرئيل : يا مالك ، أرِ محمّداً النار ، فكشف عنها غطاءها وفتح باباً منها ، فخرج منها لهب ساطع في السماء ، وفارت ، فارتعدتُ حتّى ظننت ليتناولني ممّا رأيت ، فقلت له : يا جبرئيل ، قل له فليردّ عليها غطاءها ، فأمرها فقال لها : ارجعي ، فرجعت إلى مكانها الّذي خرجت منه .
ثمّ مضيت فرأيت رجلاً آدماً جسيماً ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا أبوك آدم ، فإذا هو يعرض عليه ذرّيّته فيقول : روح طيّب وريح طيّبة من جسدٍ طيّب ، ثمّ تلا رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله سورة المطفّفين على رأس سبع عشرة آيةً : «كَلَّآ إِنَّ كِتَبَ الْأَبْرَارِ لَفِى