165
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
164

الشام في عير قريش ، فجاء رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وتشبّث بالزمام ، وقال : يا عمّ ، على من تخلّفني ؟ لا على أُمّ ولا على أب . وقد كانت أُمّه توفّيت ، فرقّ له أبو طالب ورحمه وأخرجه معه ، وكانوا إذا ساروا تسير على رأس رسول اللَّه غمامة تظلّه من الشمس .
فمرّوا في طريقهم برجلٍ يقال له بحيرى ، فلمّا رأى الغمامة تسير معهم نزل من صومعته فأخذ لقريش طعاماً ، وبعث إليهم يسألهم أن يأتوه ، وقد كانوا نزلوا تحت شجرة ، فبعث إليهم يدعوهم إلى‏ طعامه فقالوا له : يا بحيرى ، واللَّه ما كنّا نعهد هذا منك ، قال : قد أحببت أن تأتوني ، فأتوه وخلّفوا رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله في الرحل ، فنظر بحيرى إلى الغمامة قائمةً ، فقال لهم : هل بقي منكم أحد لم يأتني ؟ فقالوا : ما بقي منّا إلّا غلام حدث خلّفناه في الرحل ، فقال : لا ينبغي أن يتخلّف عن طعامي أحد منكم ، فبعثوا إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فلمّا أقبل أقبلت الغمامة ، فلمّا نظر إليه بحيرى قال : مَن هذا الغلام ؟ قالوا : ابن هذا ، وأشاروا إلى أبي طالب ، فقال له بحيرى . هذا ابنك ؟ قال أبو طالب : هذا ابن أخي ، قال : ما فعل أبوه ؟ قال : توفّي وهو حمل ، فقال بحيرى لأبي طالب : ردّ هذا الغلام إلى بلاده ، فإنّه إن علمت به اليهود ما أعلم منه قتلوه ، فإنّ لهذا شأناً من الشأن ، هذا نبيّ هذه الأُمّة ، هذا نبيّ السيف .۱

۸. كمال الدين : بهذا الإسناد عن ابن أبي عُمَير ، عن أبان بن عثمان يرفعه بإسناده قال : لمّا بلغ عبد اللَّه بن عبد المطّلب ، زوّجه عبد المطّلب آمنة بنت وهب الزهريّ ، فلمّا تزوّج بها حملت برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله . فروي عنها أنّها قالت : لمّا حملت به لم أشعر بالحمل ، ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ، فرأيت في نومي كأنّ آتٍ أتاني فقال لي : قد حملت بخير الأنام ، فلمّا حان وقت الولادة خفّ علَيَّ ذلك ، حتّى وضعته صلى اللّه عليه و آله وهو يتّقي الأرض بيده وركبتيه ، وسمعت قائلاً يقول : وضعت خير البشر ، فعوّذيه بالواحد الصمد من شرّ كلّ باغٍ وحاسد ، فولد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عام الفيل لاثنتي عشرة ليلةً ۲ من ربيع الأوّل يوم الاثنين .
فقالت آمنة لمّا سقط إلى الأرض : اتّقى الأرض بيديه وركبتيه ، ورفع رأسه إلى السماء ، وخرج منّي نور أضاء ما بين السماء والأرض ، ورُميّت الشياطين بالنجوم وحُجبوا عن السماء ، ورأت قريش الشهب والنجوم تسير في السماء ، ففزعوا لذلك وقالوا : هذا قيام الساعة ، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة فأخبروه بذلك وكان شيخاً كبيراً مجرّباً ، فقال : انظروا إلى هذه النجوم الّتي تُهتدوا بها في البرّ والبحر ، فإن كانت قد زالت فهو قيام الساعة ، وإن كانت هذه ثابتةً فهو لأمرٍ قد حدث .
وأبصرت الشياطين ذلك ، فاجتمعوا إلى إبليس ، فأخبروه أنّهم قد مُنِعوا من السماء ورُموا بالشُّهب ، فقال : اطلبوا ، فإنّ أمراً قد حدث ، فجالوا في الدنيا ورجعوا وقالوا : لم نرَ شيئاً ، فقال : أنا لهذا . فخرق ما بين المشرق والمغرب فلمّا انتهى إلى الحرم ، وجد الحرم محفوفاً بالملائكة ، فلمّا أراد أن يدخل صاح به جبرئيل عليه السلام فقال : اخسأ يا ملعون . فجاء من قبل حراء فصار مثل الصُرد، قال: يا جبرئيل، ما هذا؟ قال: هذا نبيٌّ قد وُلِد وهو خير الأنبياء، قال: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا، قال: ففي أُمّته؟ قال: بلى، قال: قد رضيت.
قال : وكان بمكّة يهوديٌّ يقال له يوسف ، فلمّا رأى النجوم يُقذف بها وتتحرّك ، قال : هذا نبيٌّ قد ولد في هذه اللّيلة ، وهو الّذي نجده في كتبنا ، أنّه إذا وُلِد وهو آخر الأنبياء رُجمت الشياطين وحُجبوا عن السماء . فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال : يا معشر قريش ، هل وُلد فيكم اللّيلة مولود ؟ قالوا : لا ، قال : أخطأتم والتوراة ، ولد إذاً بفلسطين ، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم .
فتفرّق القوم ، فلمّا رجعوا إلى منازلهم أخبر كلّ رجل أهله بما قال اليهوديّ ، فقالوا : لقد ولد لعبداللَّه بن عبد المطّلب ابن في هذه اللّيلة ، فأخبروا بذلك يوسف اليهوديّ ، فقال له : قبل أن أسألكم أو بعده ؟ قالوا : قبل ذلك ، قال : فاعرضوه عليَّ . فمشوا إلى باب آمنة فقالوا : أخرجي ابنك ينظر إليه هذا اليهوديّ ، فأخرجته في قماطه ، فنظر في عينيه ، وكشف عن كتفيه ، فرأى شامةً سوداء بين كتفيه عليها شعرات ، فلمّا نظر إليه وقع على الأرض مغشيّاً عليه ، فتعجّبت منه قريش وضحكوا منه ، فقال : أتضحكون يا معشر قريش ؟! هذا نبيّ السيف ، ليبيرنّكم ، وقد ذهبت النبوّة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد .
وتفرّق الناس يتحدّثون بما أخبر اليهوديّ ، ونشأ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله في اليوم كما ينشأ غيره في الجمعة ، وينشأ في الجمعة كما ينشأ غيره في الشهر . ۳

1.كمال الدين وتمام النعمة ، ص ۱۸۷ ، ح ۳۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۵ ، ص ۲۰۰ ، ح ۱۷ .

2.مضت في هامش المصدر: كذا. ولعلّه «بقيت» فصحّف وهذا من كلام المصنّف.

3.كمال الدين وتمام النعمة ، ص ۱۹۶ ، ح‏۳۹ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۵ ، ص ۲۶۹ ، ح ۱۵ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11982
صفحه از 516
پرینت  ارسال به