155
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

لنرجمنّك ، فقالت : افعلا ما أحببتما . فأتيا الملك فأخبراه ، وشهدا عنده أنّها بغت ، فدخل الملك من ذلك أمر عظيم ، واشتدّ بها غمّه ، وكان بها معجباً ، فقال لهما : إنّ قولكما مقبول ، ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيّام . ونادى في البلد الّذي هو فيه : احضروا قتل فلانة العابدة فإنّها قد بغت ، فإنّ القاضيين قد شهدا عليها بذلك . فأكثر الناس في ذلك ، وقال الملك لوزيره : ما عندك في هذا من حيلة ؟ فقال : ما عندي في ذلك من شي‏ء .
فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيّامها ، فإذا هو بغلمانٍ عراة يلعبون وفيهم دانيال وهو لا يعرفه ، فقال دانيال : يا معشر الصبيان ، تعالوا حتّى أكون أنا الملك وتكون أنت يا فلان العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ، ثمّ جمع تراباً وجعل سيفاً من قصب وقال للصبيان : خذوا بيد هذا فنحّوه إلى مكان كذا وكذا ، وخذوا بيد هذا فنحّوه إلى مكان كذا وكذا ، ثمّ دعا بأحدهما وقال له : قل حقّاً فإنّك إن لم تقل حقّاً قتلتك ، والوزير قائم ينظر ويسمع ، فقال : أشهد أنّها بغت ، فقال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا ، فقال : ردّوه إلى مكانه وهاتوا الآخر ، فردّوه إلى مكانه وجاؤوا بالآخر ، فقال له : بما تشهد ؟ فقال : أشهد أنّها بغت ، قال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا ، قال : مع مَن ؟ قال : مع فلان بن فلان ، قال : وأين ؟ قال : بموضع كذا وكذا . فخالف أحدهما صاحبه ، فقال دانيال : اللَّه أكبر شهدا بزورٍ ، يا فلان ، نادِ في الناس أنّهما شهدا على فلانة بزورٍ ، فاحضروا قتلهما .
فذهب الوزير إلى الملك مبادراً ، فأخبره الخبر ، فبعث الملك إلى القاضيين ، فاختلفا كما اختلف الغلامان ، فنادى الملك في الناس وأمر بقتلهما .۱

۱۰۳. تفسير القمّي : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عُمَير ، عن جميل قال : قال لي أبو عبد اللَّه عليه السلام : ما ردّ اللَّه العذاب إلّا عن قوم يونس ، وكان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبوا ذلك ، فَهَمّ أن يدعو عليهم ، وكان فيهم رجلان عابد وعالم ، وكان اسم أحدهما مليخا والآخر اسمه روبيل ، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم ، وكان العالم

1.الكافي ، ج ۷ ، ص ۴۲۵ ، ح ۹ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۶ ، ص ۳۰۸ ، ح ۵۹ ، باختلاف يسير ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۰ ، ص ۳۰۹ ، ح ۸۳ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
154

يتزوّجها زوجها ، فدعت بنسوةٍ حتّى أمسكنها فأخذت عُذرَتَها بإصبعها ، فلمّا قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة ، وأقامت البيّنة من جاراتها اللّائي ساعدتها على ذلك ، فرفع ذلك إلى عمر فلم يدرِ كيف يقضي فيها ، ثمّ قال للرجل : ائتِ عليّ بن أبي طالب عليه السلام واذهب بنا إليه .
فأتوا عليّاً عليه السلام وقصّوا عليه القصّة ، فقال لامرأة الرجل : ألكِ بيّنة أو برهان ؟ قالت : لي شهود ، هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول . فأحضرتهنّ ، فأخرج عليّ بن أبي طالب عليه السلام السيف من غمده فطَرَحَ بين يديه ، وأمر بكلّ واحدة منهنّ فأُدخلت بيتاً ، ثمّ دعا بامرأة الرجل فأدارها بكلّ وجهٍ فأبت أن تزول عن قولها ، فردّها إلى البيت الّذي كانت فيه ، ودعا إحدى الشهود وجثا على ركبتيه ثمّ قال : تعرفيني ؟ أنا عليّ بن أبي طالب ، وهذا سيفي ، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلى الحقّ وأعطيتها الأمان ، وإن لم تصدقيني لأملأنّ السيف منكِ . فالتفتت إلى عمر فقالت : يا أمير المؤمنين ، الأمان عليَّ ؟ فقال لها أمير المؤمنين : فاصدقي ، فقالت : لا واللَّه ، إلّا أنّها رأت جمالاً وهيئةً ، فخافت فساد زوجها عليها فسقتها المسكر ، ودعتنا فأمسكناها فافتضّتها بإصبعها. فقال عليٌّ عليه السلام : اللَّه أكبر، أنا أوّل من فرّق بين الشاهدين، إلّا دانيال النبيّ.
فألزم عليٌّ المرأة حدّ القاذف ، وألزمهنّ جميعاً العقر ، وجعل عقرها أربعمئة درهم ، وأمر المرأة أن تُنفى من الرجل ويطلّقها زوجها ، وزوّجه الجارية ، وساق عنه عليٌّ عليه السلام المهر . فقال عمر : يا أبا الحسن ، فحدّثنا بحديث دانيال . فقال عليٌّ عليه السلام : إنّ دانيال كان يتيماً لا أُمّ له ولا أب ، وإنّ امرأةً من بني إسرائيل عجوزاً كبيرة ضمّته فربّته ، وإنّ ملكاً من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان وكان لهما صديق ، وكان رجلاً صالحاً ، وكانت له امرأة بهيّة جميلة ، وكان يأتي الملك فيحدّثه ، واحتاج الملك إلى رجلٍ يبعثه في بعض أُموره ، فقال للقاضيين : اختارا رجلاً أرسله في بعض أُموري ، فقالا : فلان . فوجّهه الملك ، فقال الرجل للقاضيين : أوصيكما بامرأتي خيراً ، فقالا : نعم .
فخرج الرجل ، فكان القاضيان يأتيان باب الصديق ، فعشقا امرأته ، فراوداها عن نفسها فأبت ، فقالا لها : واللَّه لئن لم تفعلي لنشهدنّ عليكِ عند الملك بالزنى ثمّ

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9325
صفحه از 516
پرینت  ارسال به