129
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل

سرق مكيال الملك فحبسه عنده ، فاسأل أهل القرية والعير حتّى يخبروك بذلك ، فاسترجع يعقوب واستعبر حتّى تقوّس ظهره ، فقال يعقوب : «يَبَنِىَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَ أَخِيهِ »۱. فخرج منهم نفر ، وبعث معهم بضاعة ، وكتب معهم كتاباً إلى عزيز مصر يعطفه على نفسه وولده .
فدخلوا على يوسف بكتاب أبيهم ، فأخذه وقبّله وبكى ، ثمّ أقبل عليهم ف «قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ »۲؟ قالوا : أأنت يوسف ؟ «قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هَذَآ أَخِى »۳، وقال يوسف : «لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ »۴ و« اذْهَبُواْ بِقَمِيصِى هَذَا »۵ بلّته دموعي « فَأَلْقُوهُ عَلَى‏ وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصيراً وَ أْتُونِى بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ »۶.
فأقبل ولد يعقوب عليه السلام يحثّون السير بالقميص ، فلمّا دخلوا عليه قال لهم : ما فعل ابن يامين ؟ قالوا : خلّفناه عند أخيه صالحاً . فحمد اللَّه عند ذلك يعقوب وسجد لربّه سجدة الشكر ، واعتدل ظهره ، وقال لِوُلده تَحَمّلوا إلى يوسف من يومكم . فساروا في تسعة أيّام إلى مصر ، فلمّا دخلوا اعتنق يوسف أباه ورفع خالته ، ثمّ دخل منزله وادّهن ولبس ثياب المُلك ، فلمّا رأوه سجدوا شكراً للَّه ، وما تطيّب يوسف في تلك المدّة ولامس النساء حتّى جمع اللَّه ليعقوب عليه السلام شمله .۷

۵۰. علل الشرائع : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه عن محمّد بن يحيى العطّار عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن أورمة ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال : لمّا أقبل يعقوب إلى مصر خرج يوسف عليه السلام ليستقبله ، فلمّا رآه يوسف همَّ بأن يترجّل ليعقوب ، ثمّ نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل ، فلمّا سلّم على يعقوب نزل عليه جبرئيل فقال له : يا يوسف ! إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول لك : ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح إلّا ما أنت فيه ، ابسط يدك ، فبسطها فخرج من بين أصابعه نور ، فقال له : ما هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا آية ، لا يخرج من صلبك نبيّ أبداً ؛ عقوبةً لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه .۸

1.سورة يوسف ( ۱۲ ) ، الآيات : ۷۸ ، ۷۹ ، ۸۷ ، ۸۹ ، ۹۰ ، ۹۲ ، ۹۳ .

2.سورة يوسف ( ۱۲ ) ، الآيات : ۸۷ ، ۸۹ ، ۹۰ ، ۹۲ ، ۹۳ .

3.قصص الأنبياء للراوندي ، ص ۱۳۲ ، ح ۱۳۴ ؛ بحار الأنوار ، ج‏۱۲ ، ص ۲۸۷ ، ح ۷۱ .

4.علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۵۵ ، ح ۲ ، باب ۴۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۲ ، ص ۲۸۱ ، ح ۵۹ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
128

إنّي أحبّ أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا .
ولمّا فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم فيها «قَالُواْ يَأَبَانَا مَا نَبْغِى هَذِهِ بِضَعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا »۱، فلمّا احتاجوا إلى المِيرَة۲ بعد ستّة أشهر ، بعثهم وبعث معهم ابنَ يامين ببضاعةٍ يسيرة ، فأخذ عليهم «مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِى بِهِ »۳. فانطلقوا مع الرفاق حتّى دخلوا على يوسف ، فهيّأ لهم طعاماً وقال : ليجلس كلّ بني أُمٍّ على مائدةٍ ، فجلسوا وبقي ابن يامين قائماً ، فقال له يوسف : ما لك لم تجلس ؟ فقال : ليس لي فيهم ابن أُمٍّ ، فقال يوسف : فما لك ابن أُمٍّ ؟ قال : بلى ، زعم هؤلاء أنّ الذئب أكله ، قال : فما بلغ من حزنك عليه ؟ قال : وُلِدَ لي أحد عشر ابناً لِكُلِّهم أشتَقُّ اسماً من اسمه ، فقال : أراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده ! فقال : إنّ لي أباً صالحاً قال لي : تزوّج لعلّ اللَّه أن يخرج منك ذرّيةً تثقل الأرض بالتسبيح ، قال يوسف : فاجلس معي على مائدتي .
فقال إخوة يوسف : لقد فضّل اللَّه يوسف وأخاه ، حتّى أنّ الملك قد أجلسه معه على مائدته ، وقال لابن يامين : إنّي أنا أخوك ، فلا تبتئس بما تراني أفعل ، واكتم ما أخبرتك ، ولا تحزن ولا تخف . ثمّ أخرجه إليهم ، وأمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم ويعجّلوا لهم الكيل ، فإذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل أخيه ابن يامين ، ففعلوا ذلك ، وارتحل القوم مع الرفقة فمضوا ، ولحقهم فتية يوسف فنادوا : «أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَرِقُونَ »۴، قالوا : «مَّاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ »۵، قالوا : «وَ مَا كُنَّا سَرِقِينَ * قَالُواْ فَمَا جَزَ ؤُهُ إِن كُنتُمْ كَذِبِينَ * قَالُواْ جَزَ ؤُهُ مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَ ؤُهُ »۶ ، «فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ »۷، «قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ »۸ .
ثمّ : «قَالُواْ يَأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ »۹، «قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَعَنَا عِندَهُ »۱۰، قال كبيرهم: إنّي لست أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي.
فمضى إخوة يوسف حتّى دخلوا على يعقوب عليه السلام ، فقال لهم : أين ابن يامين ؟ قالوا :

1.سورة يوسف ( ۱۲ ) ، الآيات : ۶۵ - ۶۶ و ۷۰ و ۷۱ - ۷۷ .

2.الميرة : طعام يمتاره الإنسان ؛ أي يجلبه من بلدٍ إلى بلد ( مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۱۷۳۷ « مير » ) .

3.سورة يوسف ( ۱۲ ) ، الآيات : ۶۵ - ۶۶ و ۷۰ و ۷۱ - ۷۷ .

4.سورة يوسف ( ۱۲ ) ، الآيات : ۷۸ ، ۷۹ ، ۸۷ ، ۸۹ ، ۹۰ ، ۹۲ ، ۹۳ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11731
صفحه از 516
پرینت  ارسال به