625
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی

۴۳. الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : دخل أمير المؤمنين المسجد ، فاستقبله شابٌّ يبكي وحوله قومٌ يسكتونه ، فقال عليٌّ عليه السلام : ما أبكاك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ شريحاً قضى عليَّ بقضيّةٍ ما أدري ما هي ؟ إنّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر ، فرجعوا ولم يرجع أبي ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله فقالوا : ما ترك مالاً ، فقدّمتهم إلى شريح فاستحلفهم ، وقد علمت يا أمير المؤمنين أنّ أبي خرج ومعه مالٌ كثيرٌ ، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : ارجعوا ، فرجعوا والفتى معهم إلى شريح ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : يا شريح ، كيف قضيت بين هؤلاء ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ادّعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنّهم خرجوا في سفرٍ وأبوه معهم ، فرجعوا ولم يرجع أبوه ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله ، فقالوا : ما خلّف مالاً ، فقلت للفتى : هل لك بيّنةٌ على ما تدّعي ؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم فحلفوا .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هيهات يا شريح ، هكذا تحكم في مثل هذا ؟ ! فقال : يا أمير المؤمنين ، فكيف ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : واللَّه لأحكمنّ فيهم بحكم ما حكم به خَلقٌ قبلي إلّا داوود النبيّ عليه السلام ، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس ، فدعاهم ، فوكّل بكلّ رجلٍ منهم رجلاً من الشرطة ، ثمّ نظر إلى وجوههم فقال : ماذا تقولون ؟ أتقولون إنّي لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى ، إنّي إذاً لجاهلٌ . ثمّ قال : فرّقوهم وغطّوا رؤوسهم . قال : ففُرِّقَ بينهم وأُقيم كلّ رجل منهم إلى أُسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطّاةٌ بثيابهم ، ثمّ دعا بعبيد اللَّه بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفةً ودواةً ، وجلس أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه في مجلس القضاء ، وجلس الناس إليه ، فقال لهم : إذا أنا كبّرت فكبّروا ، ثمّ قال للناس : اخرجوا ، ثمّ دعا بواحدٍ منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ، ثمّ قال لعبيد اللَّه بن أبي رافع : اكتب إقراره وما يقول .
ثمّ أقبل عليه بالسؤال ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : في أيّ يومٍ خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم ؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، قال : وفي أيِّ شهرٍ ؟ قال : في شهر كذا وكذا ، قال : في أيِّ سنةٍ ؟ قال : في سنة كذا وكذا ، قال : وإلى أين بلغتم في


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی
624

امرأةٌ بهيّةٌ جميلةٌ ، وكان يأتي الملك فيحدّثه ، واحتاج الملك إلى رجلٍ يبعثه في بعض أُموره ، فقال للقاضيين : اختارا رجلاً أرسله في بعض أُموري ، فقالا : فلانٌ ، فوجّهه الملك ، فقال الرجل للقاضيين : أُوصيكما بامرأتي خيراً ، فقالا : نعم .
فخرج الرجل فكان القاضيان يأتيان باب الصديق ، فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت ، فقالا لها : واللَّه لئن لم تفعلي لنشهدنّ عليك عند الملك بالزنى ثمّ لنرجمنّك ، فقالت : افعلا ما أحببتما . فأتيا الملك فأخبراه ، وشهدا عنده أنّها بغت ، فدخل الملك من ذلك أمرٌ عظيمٌ ، واشتدّ بها غمّه وكان بها معجباً ، فقال لهما : إنّ قولكما مقبولٌ ، ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيّام ، ونادى في البلد الّذي هو فيه : احضروا قتل فلانة العابدة ، فإنّها قد بغت ، فإنّ القاضيين قد شهدا عليها بذلك . فأكثر الناس في ذلك .
وقال الملك لوزيره : ما عندك في هذا من حيلة ؟ فقال : ما عندي في ذلك من شي‏ء ، فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيّامها ، فإذا هو بغلمانٍ عُراة يلعبون وفيهم دانيال وهو لا يعرفه ، فقال دانيال : يا معشر الصبيان ، تعالوا حتّى أكون أنا الملك وتكون أنت يا فلان العابدة ، ويكون فلانٌ وفلانٌ القاضيين الشاهدين عليها ، ثمّ جمع تراباً وجعل سيفاً من قصب ، وقال للصبيان : خذوا بيد هذا فنحّوه إلى مكان كذا وكذا ، وخذوا بيد هذا فنحّوه إلى مكان كذا وكذا ، ثمّ دعا بأحدهما وقال له : قل حقّاً فإنّك إن لم تقل حقّاً قتلتك - والوزير قائمٌ ينظر ويسمع - فقال : أشهد أنّها بغت ، فقال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا ، فقال : ردّوه إلى مكانه وهاتوا الآخر ، فردّوه إلى مكانه وجاؤوا بالآخر ، فقال له : بما تشهد ؟ فقال : أشهد أنّها بغت ، قال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا ، قال : مع مَن ؟ قال : مع فلان بن فلان ، قال : وأين ؟ قال : بموضع كذا وكذا ، فخالف أحدهما صاحبه ، فقال دانيال : اللَّه أكبر ، شهدا بزورٍ ، يا فلان ، نادِ في الناس أنّهما شهدا على فلانة بزورٍ ، فاحضروا قتلهما .
فذهب الوزير إلى الملك مبادراً فأخبره الخبر ، فبعث الملك إلى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان ، فنادى الملك في الناس وأمر بقتلهما .۱

1.الكافي ، ج ۷ ، ص ۴۲۵ ، ح ۹ ، وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۲۷۷ ، ح ۳۳۷۶۲ .

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12131
صفحه از 672
پرینت  ارسال به