۴۳. الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : دخل أمير المؤمنين المسجد ، فاستقبله شابٌّ يبكي وحوله قومٌ يسكتونه ، فقال عليٌّ عليه السلام : ما أبكاك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ شريحاً قضى عليَّ بقضيّةٍ ما أدري ما هي ؟ إنّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر ، فرجعوا ولم يرجع أبي ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله فقالوا : ما ترك مالاً ، فقدّمتهم إلى شريح فاستحلفهم ، وقد علمت يا أمير المؤمنين أنّ أبي خرج ومعه مالٌ كثيرٌ ، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : ارجعوا ، فرجعوا والفتى معهم إلى شريح ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : يا شريح ، كيف قضيت بين هؤلاء ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ادّعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنّهم خرجوا في سفرٍ وأبوه معهم ، فرجعوا ولم يرجع أبوه ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله ، فقالوا : ما خلّف مالاً ، فقلت للفتى : هل لك بيّنةٌ على ما تدّعي ؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم فحلفوا .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هيهات يا شريح ، هكذا تحكم في مثل هذا ؟ ! فقال : يا أمير المؤمنين ، فكيف ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : واللَّه لأحكمنّ فيهم بحكم ما حكم به خَلقٌ قبلي إلّا داوود النبيّ عليه السلام ، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس ، فدعاهم ، فوكّل بكلّ رجلٍ منهم رجلاً من الشرطة ، ثمّ نظر إلى وجوههم فقال : ماذا تقولون ؟ أتقولون إنّي لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى ، إنّي إذاً لجاهلٌ . ثمّ قال : فرّقوهم وغطّوا رؤوسهم . قال : ففُرِّقَ بينهم وأُقيم كلّ رجل منهم إلى أُسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطّاةٌ بثيابهم ، ثمّ دعا بعبيد اللَّه بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفةً ودواةً ، وجلس أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه في مجلس القضاء ، وجلس الناس إليه ، فقال لهم : إذا أنا كبّرت فكبّروا ، ثمّ قال للناس : اخرجوا ، ثمّ دعا بواحدٍ منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ، ثمّ قال لعبيد اللَّه بن أبي رافع : اكتب إقراره وما يقول .
ثمّ أقبل عليه بالسؤال ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : في أيّ يومٍ خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم ؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، قال : وفي أيِّ شهرٍ ؟ قال : في شهر كذا وكذا ، قال : في أيِّ سنةٍ ؟ قال : في سنة كذا وكذا ، قال : وإلى أين بلغتم في