373
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی

والديه ويفرح بموتهما .
ورأيت الرجل إذا مرّ به يومٌ ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجورٍ أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيباً حزيناً ، يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعةٌ من عمره ، ورأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تُقسم في الزُّور ويُتقامر بها وتُشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يُتداوى بها ويوصف للمريض ويُستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترك التديُّن به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمةً ورياح أهل الحقّ لا تحرّك ، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشيةً ممّن لا يخاف اللَّه مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يُشان بالسُّكر ، وإذا سكر أُكرم واتُّقي وخيف وتُرك لا يعاقب ويُعذر بسكره .
ورأيت من أكل أموال اليتامى يُحمد بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر اللَّه ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على اللَّه يأخذون منهم ويخلُّونهم ما يشتهون ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر ، ورأيت الصلاة قد استُخفّ بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يُراد بها وجه اللَّه ويُعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همُّهم بطونهم وفروجهم لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلةً عليهم ، ورأيت أعلام الحقّ قد دَرَست ؛ فكن على حذرٍ واطلب إلى اللَّه عزّ و جلّ النجاة ، واعلم أنّ الناس في سخط اللَّه عزّ و جلّ ، وإنّما يمهلهم لأمرٍ يُراد بهم ، فكن مترقّباً واجتهد ليراك اللَّه عزّ و جلّ في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت إلى رحمة اللَّه ، وإن أخّرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على اللَّه عزّ و جلّ ، واعلم أنّ اللَّه لا يضيع أجر المحسنين ، وأنّ رحمة اللَّه قريبٌ من المحسنين .۱

۳۳. الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن معاوية بن وهب ، عن

1.الكافي ، ج ۸ ، ص ۳۶ ، ح ۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۶، ص ۲۷۵، ح ۲۱۵۵۴.


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی
372

الحجّ والجهاد لغير اللَّه ، ورأيت السلطان يذلُّ للكافر المؤمنَ ، ورأيت الخراب قد أُديل من العمران ، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ، ورأيت سفك الدماء يُستخفُّ بها ، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللّسان ليتّقى وتُسند إليه الأُمور .
ورأيت الصلاة قد استخفّ بها ، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثمّ لم يزكّه منذ ملكه ، ورأيت الميّت يُنبش من قبره ويُؤذى وتُباع أكفانه ، ورأيت الهرج قد كثر ، ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتمُّ بما الناس فيه ، ورأيت البهائم تُنكح ، ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضاً ، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلّاه ويرجع وليس عليه شي‏ءٌ من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم ، ورأيت السُّحت قد ظهر يُتنافس فيه ، ورأيت المصلّي إنّما يصلّي ليراه الناس ، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة ، ورأيت الناس مع من غلب ، ورأيت طالب الحلال يُذمُّ ويُعيّر وطالب الحرام يُمدح ويعظّم ، ورأيت الحرمين يُعمل فيهما بما لا يحبُّ اللَّه لا يمنعهم مانعٌ ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحدٌ .
ورأيت المعازف ظاهرةً في الحرمين ، ورأيت الرجل يتكلّم بشي‏ءٍ من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول : هذا عنك موضوعٌ ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشُّرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحدٌ ، ورأيت الميّت يُهزأ به فلا يفزع له أحدٌ ، ورأيت كلّ عام يحدث فيه من الشرّ والبدعة أكثر ممّا كان ، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء ، ورأيت المحتاج يُعطى على الضحك به ويُرحم لغير وجه اللَّه ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحدٌ ، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحدٌ منكراً تخوُّفاً من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة اللَّه ويمنع اليسير في طاعة اللَّه ، ورأيت العقوق قد ظهر واستُخفّ بالوالدين وكانا من أسوأ الناس حالاً عند الولد ، ويفرح بأن يُفتري عليهما ، ورأيت النساء وقد غلبن على المُلك وغلبن على كلّ أمرٍ لا يُؤتى إلّا ما لهنّ فيه هوىً ، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12375
صفحه از 672
پرینت  ارسال به