29
مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی

أنزله اللَّه على محمّد صلى اللّه عليه و آله ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرّات ؛ لافتتاح الحُجُب ثلاث مرّات ، فصار التكبير سبعاً والافتتاح ثلاثاً .
فلمّا فرغ من التكبير والافتتاح أوحى اللَّه إليه : سم باسمي ، فمن أجل ذلك جُعل بسم اللَّه الرحمن الرحيم في أوّل السورة . ثمّ أوحى اللَّه إليه : أن أحمدني ، فلمّا قال : « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ‏ّ الْعَلَمِينَ » ، قال النبيّ في نفسه : شكراً ، فأوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه : قطعت حمدي ، فسمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جُعل في الحمد « الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » مرّتين ، فلمّا بلغ « وَ لَا الضَّآلِّينَ » ، قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : الحمد للَّه ربّ العالمين شكراً ، فأوحى اللَّه إليه : قطعت ذكري ، فسمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جُعل « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » في أوّل السورة ، ثمّ أوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه : اقرأ يا محمّد نسبة ربّك تبارك وتعالى : « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ * وَ لَمْ يَكُن لَّهُ‏و كُفُوًا أَحَدُم »۱ ، ثمّ أمسك عنه الوحي ، فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : الواحد الأحد الصمد ، فأوحى اللَّه إليه : « لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ * وَ لَمْ يَكُن لَّهُ‏و كُفُوًا أَحَدُم » ، ثمّ أمسك عنه الوحي ، فقال رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله : كذلك اللَّه كذلك اللَّه ربّنا .
فلمّا قال ذلك ، أوحى اللَّه إليه : اركع لربّك يا محمّد ، فركع ، فأوحى اللَّه إليه وهو راكع : قل : « سبحان ربّي العظيم » ، ففعل ذلك ثلاثاً ، ثمّ أوحى اللَّه إليه : أن ارفع رأسك يا محمّد ، ففعل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فقام منتصباً ، فأوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه : أن اسجد لربّك يا محمّد ، فخرّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ساجداً ، فأوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه : قل : « سبحان ربّي الأعلى » ، ففعل ذلك ثلاثاً ، ثمّ أوحى اللَّه إليه : استوِ جالساً يا محمّد ، ففعل ، فلمّا رفع رأسه من سجوده واستوى جالساً نظر إلى عظمته تجلّت له ، فخرّ ساجداً من تلقاء نفسه لا لأمرٍ أُمِر به ، فسبّح أيضاً ثلاثاً ، فأوحى اللَّه إليه : انتصب قائماً ، ففعل فلم يرَ ما كان رأى من العظمة ، فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة وسجدتين .
ثمّ أوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه : اقرأ بالحمد للَّه ، فقرأها مثلما قرأ أوّلاً ، ثمّ أوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه اقرأ : « إنّا أنزلناه » فإنّها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة . وفعل في الركوع مثلما فعل في المرّة الأُولى ، ثمّ سجد سجدة واحدة ، فلمّا رفع رأسه تجلّت له العظمة ،

1.سورة الإخلاص ( ۱۱۲ ) ، الآية ۱ - ۴ .


مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی
28

كلّ يوم وليلة خمساً - يعنون في وقت كلّ صلاة - ، ويمسحون رؤوسهم بأيديهم . قال : زادني ربّي أربعين نوعاً من أنواع النور لا تشبه تلك الأنوار الأُولى .
ثمّ عرج بي حتّى انتهيت إلى السماء الرابعة ، فلم تقل الملائكة شيئاً ، وسمعت دوياً كأنّه في الصدور ، فاجتمعت الملائكة ففُتحت أبواب السماء ، وخرجت إلَيَّ شبه المعانيق ، فقال : جبرئيل عليه السلام : حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة ، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح ، فقالت الملائكة : صوتان مقرونان معروفان ، فقال جبرئيل عليه السلام : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، فقالت الملائكة : هي لشيعته إلى يوم القيامة . ثمّ اجتمعت الملائكة وقالت : كيف تركت أخاك ؟ فقلت لهم : وتعرفونه ؟ قالوا : نعرفه وشيعته ، وهم نور حول عرش اللَّه ، وإنّ في البيت المعمور لرقّاً من نور فيه كتاب من نور ، فيه اسم محمّد وعلي والحسن والحسين والأئمّة وشيعتهم إلى يوم القيامة ، لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل ، وإنّه لميثاقنا ، وإنّه ليُقرأ علينا كلّ يوم جمعة .
ثمّ قيل لي : ارفع رأسك يا محمّد ، فرفعت رأسي ، فإذا أطباق السماء قد خُرقت والحجب قد رُفعت ، ثمّ قال لي : طأطئ رأسك ، انظر ما ترى ؟ فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيتٍ مثل بيتكم هذا ، وحرم مثل حرم هذا البيت ، لو ألقيت شيئاً من يدي لم يقع إلّا عليه ، فقيل لي : يا محمّد ، إنّ هذا الحرم وأنت الحرام ، ولكلّ مثل مثال . ثمّ أوحى اللَّه إلَيَّ : يا محمّد ، ادنُ من صَادٍ فاغسل مساجدك وطهّرها ، وصلِّ لربّك . فدنا رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله من صَادٍ ، وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن ، فتلقّى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله الماء بيده اليمنى ، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين ، ثمّ أوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه أن اغسِل وجهك ؛ فإنّك تنظر إلى عظمتي ، ثمّ اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى ؛ فإنّك تلقى بيدك كلامي ، ثمّ امسح رأسك بفضل ما بقي في يديك من الماء ورجليك إلى كعبيك ؛ فإنّي أبارك عليك وأوطئك موطئاً لم يطأه أحد غيرك . فهذا علّة الأذان والوضوء .
ثمّ أوحى اللَّه عزّ و جلّ إليه : يا محمّد ، استقبل الحجر الأسود وكبّرني على عدد حُجُبي ، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعاً ؛ لأنّ الحُجُب سبع ، فافتتِح عِند انقطاع الحُجب ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنّة ، والحُجب متطابقة بينهنّ بحار النور ، وذلك النور الّذي

  • نام منبع :
    مسند ابن ابی عمیر المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    گردآوری و تنظیم: بشیر محمدی مازندرانی
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15551
صفحه از 672
پرینت  ارسال به