الحديث الخامس والثلاثون والمائة
[أي بعير حجّ عليه ثلاث سنين ...]
۰.ما رويناه عن الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه السلام قال : « أيّ بعير حجّ عليه ثلاث سنين يجعل من نَعَم الجنّة » . وروي : « سبع سنين »۱ .
بيان
هذا الحديث يدلّ على حشر الحيوانات ، وقد ذكره المتكلّمون من الخاصّة والعامّة ، ودلّت عليه الآيات والأخبار ، قال اللَّه تعالى : « وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ »۲عن قتادة : يحشر كلّ شيء حتّى الذباب للقصاص۳ .
وقال تعالى : « وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَبِ مِن شَىْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ »۴ . قيل : يحشرون إلى اللَّه بعد موتهم يوم القيامة كما يحشر العباد ، فيعوّض اللَّه ما يستحقّ العوض منها ، وينتصف لبعضها من بعض .۵
وروى الجمهور عن أبي ذر ، قال : بينا أنا عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إذ انتطحت عنزان ، فقال النبيّ : « أتدرون فيمَ انتطحا ؟ » فقالوا : لا ندري ، فقال : « لكن اللَّه يدري وسيقضي بينهما » ، وعلى هذا فهي أمثالنا في الحشر والقصاص۶ .
وقال الرازيّ في تفسير قوله تعالى : « وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ » :
قال قتادة : يحشر كلّ شيء حتّى الذباب للقصاص ، وقالت المعتزلة : إنّ اللَّه يحشر الحيوانات كلّها في ذلك اليوم ليعوّضها عن آلامها التي وصلت إليها في الدنيا بالموت والقتل وغير ذلك ، فإذا عوّضت عن تلك الآلام فإن شاء اللَّه أن يبقي بعضها في الجنّة إذا كان مستحسناً فعل ، وإن شاء أن يفنيه أفناه على ما جاء به الخبر .
وأمّا أصحابنا فعندهم أنّه لا يجب على اللَّه شيء بحكم الاستحقاق ، ولكنّه تعالى يحشر الوحوش كلّها فيقتصّ للجمّاء من القرناء ثمّ يقال لها : موتي فتموت۷ ، انتهى .
والأخبار الدالّة على ذلك من طرقنا كثيرة ، منها : الخبر المتقدّم .
ومنها : ما رواه الصدوق في الفقيه عن السكونيّ بإسناده : أنّ النبيّ أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها ، فقال : « أين صاحبها ؟ مروه فليستعدّ غداً للخصومة »۸ .
وروي عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله قال : « استفرهوا۹ ضحاياكم ، فإنّها مطاياكم على الصراط »۱۰ .
وروي : « أنّ خيول الغزاة في الدنيا خيولهم في الجنّة »۱۱ .
وورد عنهم عليهم السلام في أنّ « مانع الزكاة تنهشه كلّ ذات ناب بنابها ، وتطؤه كلّ ذات ظلف بظلفها »۱۲ .
1.من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۲۹۳ ، ح۲۴۹۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۱ ، ص ۱۲۹ ، ح۱۴۴۳۵ و۱۴۴۳۶ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷ ۲۷۶ ، ذيل ح۵۰ .
2.التكوير ( ۸۱ ) : ۵ .
3.بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۲۷۶ نقلاً عن الرازي في تفسيره .
4.الأنعام ( ۶ ) : ۳۸ .
5.راجع : مجمع البيان ، ج۴ ، ص۴۸ .
6.تفسير ابن كثير ، ج ۲ ، ص ۱۲۶ .
7.مفاتيح الغيب ، ج ۳۱ ، ص ۶۷ .
8.من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۲۹۲ ، ح ۲۴۹۸۲ .
9.الدابة الفارهة : النشيطة القوية . انظر : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۵۲۲ ( فره ) .
10.بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۲۷۶ .
11.انظر : وسائل الشيعة : ج ۹ ، ص ۲۱ ؛ ح ۱۱۴۲۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۲۷۶ .