65
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
64

الحديث الثلاثون والمائة

[في عصمة الأنبياء]

۰.ما رويناه بالأسانيد المتقدّمة عن رئيس المحدّثين في العيون ، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هيثم المكتب وعليّ بن عبداللَّه الورّاق ، قالوا : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، قال : حدّثنا القاسم بن محمّد البرمكيّ ، قال : حدّثنا أبو الصلت الهرويّ ، قال : لمّا جمع المأمون لعليّ بن موسى الرضا أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات ، فلم يقم أحد إلّا وقد ألزمه حجّته كأنّه ألقمه حجراً ، ثمّ قام إليه عليّ بن محمّدبن الجهم ، فقال له : يابن رسول اللَّه ، أتقول بعصمة الأنبياء ؟ فقال : « نعم » .
قال : فما تعمل في قول اللَّه عزّ وجلّ : « وَ عَصَى‏ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى‏ »۱ ، وفي قوله عزّ وجلّ : « وَ ذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ »۲ ، وفي قوله في يوسف عليه السلام : « وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا »۳ ، وفي قوله عزّ وجلّ في داود عليه السلام : « وَ ظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّهُ »۴ ، وقوله عزّ وجلّ في نبيّه محمّد صلى اللَّه عليه وآله : « وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ »۵؟
فقال الرضا عليه السلام : ويحك يا علي ! اتّق اللَّه ولا تنسب إلى أنبياء اللَّه الفواحش ، ولا تتأوّل كتاب اللَّه برأيك ، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول : « وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّ سِخُونَ فِى الْعِلْمِ »۶ .
أمّا قوله عزّ وجلّ في آدم عليه السلام : « وَ عَصَى‏ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى‏ »۷فإنّ اللَّه عزّ وجلّ خلق آدم حجّة في أرضه وخليفة في بلاده ولم يخلقه للجنّة ، وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض لتتمّ مقادير أمر اللَّه ، فلمّا اُهبط إلى الأرض وجُعل حجّة وخليفة عصم بقوله عزّ وجلّ : « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى‏ ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَ هِيمَ وَءَالَ عِمْرَ نَ عَلَى الْعَلَمِينَ »۸ .
وأمّا قوله عزّ وجلّ : « وَ ذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ »۹ إنّما ظنّ بمعنى استيقن أنّ اللَّه لن يضيّق عليه رزقه ، ألا تسمع قول اللَّه عزّ وجلّ : « وَ أَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ »۱۰ ، أي ضيّق عليه رزقه ، ولو ظنّ أنّ اللَّه لا يقدر عليه لكان قد كفر .
وأمّا قوله عزّ وجلّ في يوسف عليه السلام : « وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا »۱۱فإنّها همّت بالمعصية وهمّ يوسف بقتلها إن أجبرته ؛ لعظم ما تداخله ، فصرف اللَّه عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله عزّ وجلّ : « كَذَ لِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشَآءَ »۱۲ ، يعني الزنا .
وأمّا داود فما يقول من قِبَلكم فيه ؟ »
فقال عليّ بن محمّد بن الجهم : يقولون : إنّ داود عليه السلام كان يصلّي في محرابه إذ تصوّر له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع داود صلاته وقام ليأخذ الطير ، فخرج الطير إلى الدار ، فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار اُوريا بن حنان ، فاطّلع داود في أثر الطير ، فإذا بامرأة اُوريا تغتسل ، فلمّا نظر إليها هواها وكان قد أخرج اُوريا في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن قدّم اُوريا أمام الحرب ، فقدم فظفر بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية أن قدّمه أمام التابوت فقُدِّم فقتل اُوريا رحمة اللَّه عليه وتزوّج داود بامرأة اُوريا .
قال : فضرب عليه السلام يده على جبهته وقال : « إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبيّاً من أنبياء اللَّه إلى التهاون بصلاته حتّى خرج في أثر الطير ، ثمّ بالفاحشة ، ثمّ بالقتل » .
فقال : يابن رسول اللَّه ، فما كانت خطيئته ؟
فقال عليه السلام : « ويحك ! إنّ داود عليه السلام إنّما ظنّ أن ما خلق اللَّه عزّ وجلّ خلقاً هو أعلم منه ، فبعث اللَّه عزّ وجلّ إليه الملكين ، فتسوّرا في المحراب ، فقالا : « خَصْمَانِ بَغَى‏ بَعْضُنَا عَلَى‏ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِ‏ّ وَلَا تُشْطِطْ وَ اهْدِنَآ إِلَى‏ سَوَآءِ الصِّرَ طِ * إِنَّ هَذَآ أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِىَ نَعْجَةٌ وَ حِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَ عَزَّنِى فِى الْخِطَابِ »۱۳ ، فعجّل داود على المدّعى عليه ، فقال : « لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى‏ نِعَاجِهِ »۱۴ ولم يسأل المدّعي البيّنة على ذلك ، ولم يقبل على المدّعى عليه ، فيقول له : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئته رسم حكم ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع اللَّه عزّ وجلّ يقول : « يَدَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ‏ّ »۱۵ إلى آخر الآية » .
فقال : يابن رسول اللَّه ، فما قصّته مع اُوريا ؟
فقال الرضا عليه السلام : « إنّ المرأة في أيّام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوّج بعده أبداً ، فأوّل من أباح اللَّه عزّ وجلّ له أن يتزوّج بامرأة قتل بعلها كان داود ، فتزوّج بامرأة اُوريا لمّا قتل ، وانقضت عدّتها منه ، فذلك الذي شقّ على [الناس من قِبل‏] ۱۶ اُوريا .
وأمّا محمّد صلى اللَّه عليه وآله وقول اللَّه عزّ وجلّ : « وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ » فإنّ اللَّه عزّ وجلّ عرّف نبيّه أسماء أزواجه في دار الدنيا ، وأسماء أزواجه في دار الآخرة ، وأنّهنّ اُمّهات المؤمنين ، وإحدى من سمّى له زينب بنت جحش ، وهي يومئذٍ تحت زيد بن حارثة ، فأخفى صلى اللَّه عليه وآله اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يقول أحد من المنافقين : إنّه قال في امرأة في بيت رجل أنّها إحدى أزواجه من اُمّهات المؤمنين ، وخشي قول المنافقين ، قال اللَّه عزّ وجلّ : « وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ » يعني في نفسك ، وإنّ اللَّه عزّ وجلّ ما تولّى تزويج أحد من خلقه إلّا تزويج حوّاء من آدم ، وزينب من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بقوله تعالى : « فَلَمَّا قَضَى‏ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَكَهَا »۱۷ الآية ، وفاطمة من عليّ عليه السلام » .
قال : فبكى عليّ بن محمّد بن الجهم ، وقال : يابن رسول اللَّه ، أنا تائب إلى اللَّه عزّوجلّ من أن أنطق في أنبياء اللَّه بعد يومي هذا إلّا بما ذكرته‏۱۸ .

1.طه ( ۲۰ ) : ۱۲۱ .

2.الأنبياء ( ۲۱ ) : ۸۷ .

3.يوسف ( ۱۲ ) : ۲۴ .

4.ص ( ۳۸ ) : ۲۴ .

5.الأحزاب ( ۳۳ ) : ۳۷ .

6.آل عمران ( ۳ ) : ۷ .

7.آل عمران ( ۳ ) : ۳۳ .

8.الفجر ( ۸۹ ) : ۱۶ .

9.ص ( ۳۸ ) : ۲۲ و۲۳ .

10.ص ( ۳۸ ) : ۲۶ .

11.الزيادة من المصدر .

12.. الأحزاب ( ۳۳ ) : ۳۷ .

13.عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۱۹۱ - ۱۹۲ ، ح‏۱ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۴۹ ، ۱۷۹ - ۱۸۰ ح ۱۴ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10731
صفحه از 719
پرینت  ارسال به