7
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

بيان‏

سند هذا الخبر وإن كان ضعيفاً إلّا أنّه قد روي بطرق اُخر كثيرة ، رواه السيّد الرضي في النهج‏۱ ، والشيخ في الأمالي‏۲ ، والثقفيّ في كتاب الغارات‏۳ ، والصدوق في الإكمال‏۴ وغيره ، وقال في الخصال : قد رويت هذا الخبر بطرق كثيرة قد أخرجتها في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة .
وقوله عليه السلام : (الجبّان) . والجبّانة بالتشديد : الصحراء ، وتسمّى بهما المقابر أيضاً ، وأصحر ، أي خرج إلى الصحراء ، وفي النهج وغيره : فلمّا أصحر تنفّس الصعداء بضمّ الصاد وفتح العين المهملة والمدّ - نوع من التنفّس يصعده المتلهّف الحزين ، وانتصابه على أنّه مفعول مطلق نوعيّ كقولهم : جلست القرفصاء .
(يا كميل) هو من أعاظم خواصّ أميرالمؤمنين عليه السلام وأصحاب سرّه ، وهو ممّن قتله الحجّاج ، وكان أميرالمؤمنين قد أخبره بذلك .
وفي النهج والأمالي : «يا كميل ، إنّ هذه القلوب أوعية وخيرها أوعاها»۵والأوعية جمع وِعاء بكسر أوّله : الظرف ، ووعي الشي‏ء يعيه : جمعه وحفظه ، وأوعاها : أحفظها للعلم وأجمعها .
(عالم ربّانيّ) منسوب إلى الربّ بزيادة الألف والنون على خلاف القياس كالرقبانيّ .
قال الجوهريّ : الربّانيّ : المتألّه العارف باللَّه تعالى وطاعته‏۶ ، وكذا قال الفيروزآباديّ‏۷ .
وقال في الكشّاف : عظيم الرتبة هو شديد التمسّك بدين اللَّه وطاعته‏۸ . وقال في مجمع البيان : هو الذي يربّ أمر الناس بتدبيره واصطلاحه إيّاه‏۹ .
(ومتعلّم على سبيل نجاة) أي على طريقها ، بأن يكون قصده من التعلّم حصول النجاة الاُخرويّة لا الحظوظ الدنيويّة .
(وهمج رعاع) الهمج جمع همجة : وهو ذباب صغير يسقط على وجوه الحيوانات وأعينها ، استعار عليه السلام هذا اللفظ للجهلة تصغيراً لهم ، والرعاع بالمهملات وفتح أوّله : العوام والسفلة وأمثالهم .
(أتباع كلّ ناعق) النعيق : صوت الراعي لغنمه ، ويقال لصوت الغراب أيضاً ، والمراد أنّهم لعدم ثباتهم على عقيدة من العقائد وتزلزلهم في اُمور الدين يتبعون كلّ داع ، ويعتقدون بكلّ مدّع ، ويخبطون خبط العشواء من غير تمييز بين محقٍّ ومبطل .
ولعلّ في جمع هذا القسم وإفراد القسمين الأوّلين إشارة إلى قلّتهما وكثرته .

1.نهج البلاغة ، ص ۴۹۵ - ۴۹۷ ، الحكمة ۱۴۷ .

2.الأمالي للطوسي ، ص ۲۰ - ۲۱ ، المجلس ۱ ، ح ۲۳ .

3.الغارات ، ج ۱ ، ص ۱۴۸ - ۱۵۴ .

4.كمال الدين ، ج ۱ ، ص ۲۸۹ - ۲۹۱ .

5.نهج البلاغة ، ص ۴۹۵ ، الحكمة ۱۴۷ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۲۴۷ ، مجلس ۲۹ ، ح ۳ .

6.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۳۰ (ربب) .

7.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۶۵ (ربب) .

8.الكشّاف للزمخشري ، ج ۱ ، ص ۴۴۰ .

9.مجمع البيان ، ج ۲ ، ص ۲۳۰ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
6

الحديث الثالث والعشرون والمائة

[كلام علي عليه السلام مع كميل في فضل العلم‏] ۱

۰.ما رويناه عن رئيس المحدّثين محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه في كتاب الخصال ، قال : حدّثنا أبوالحسن محمّد بن عليّ بن الشاه ، قال : حدّثنا أبو إسحاق الخوّاص ، قال : حدّثنا محمّد بن يونس الكريمي ، عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن سفيان الثوريّ ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن كميل بن زياد ، قال : خرج إليّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بيدي وأخرجني إلى الجبّان وجلس وجلست ، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال : «يا كميل ، إنّ هذه القلوب أوعية ؛ فخيرها أوعاها ، احفظ عنّي ما أقول لك : الناس ثلاثة : عالمٌ ربّانيّ ، ومتعلّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق.
يا كميل ، العلم خيرٌ من المال ؛ العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق .
يا كميل ، محبّة العالم دين يدان به ، تكسبه الطاعة في حياته ، وجميل الاُحدوثة بعد وفاته ، فمنفعة المال تزول بزواله .
يا كميل ، مات خُزّان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانُهم مفقودة وأمثالُهم في القلوب موجودة ، هاه ، إنّ هاههنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلماً جمّاً لو أصبتُ له حَملةً ، بلى اُصيب له لقناً غير مأمون ، يستعمل آلة الدين في الدنيا ، ويستظهر بحجج اللَّه على خلقه ، وبنعمته على عباده ، ليتّخذ الضعفاء وليجةً من دون وليّ الحقّ ، أو منقاداً لحملة العلم لا بصيرة له في أحنائه ، يقدح الشكّ في قلبه بأوّل عارضٍ من شبهة ، ألا لا ذا ولا ذاك ، فمنهوم باللذّات ، سلس القياس للشهوات ، أو مُغرًى بالجمع والادّخار ، ليسا من رعاة الدين ، أقرب شبهاً بهما الأنعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه .
اللهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجّته ، إمّا ظاهراً مشهوراً ، أو خائفاً مغموراً ؛ لئلّا تبطل حجج اللَّه وبيّناته وكم وأين ، اُولئك الأقلّون عدداً ، الأعظمون خَطراً ، بهم يحفظ اللَّه حججه حتّى يودعوها نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقائق الاُمور ، فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلّقة بالمحلّ الأعلى .
يا كميل ، اُولئك خلفاء اللَّه والدعاة إلى دينه ، هاي هاي شوقاً إلى رؤيتهم ، وأستغفر اللَّه لي ولكم»۲ .

1.الخصال : ۱۸۶ ح‏۲۵۷ ، بحار الأنوار ، ج ۱ ، ص ۱۸۷ ، ح ۴ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10536
صفحه از 719
پرینت  ارسال به