الحديث الثامن والخمسون والثلاثمائة
[الاستنجاء بالماء وتشريعه]
۰.ما رويناه عنه أيضاً في الفقيه : وكان الناس يستنجون بالأحجار ، فأكل رجل من الأنصار طعاماً فلان بطنه ، فاستنجى بالماء ، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى فيه : « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّ بِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ »۱ ، فدعاه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فخشي الرجل أن يكون قد نزل فيه أمر سوء ، فلمّا دخل قال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : « هل عملت في يومك هذا شيئاً ؟ » قال : نعم يا رسول اللَّه ، أكلت طعاماً فلان بطني ، فاستنجيت بالماء ، فقال له : « ابشر فإنّ اللَّه تبارك وتعالى قد أنزل فيك « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّ بِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » فكنت أنت أوّل التوّابين وأوّل المتطهّرين »۲ .
بيان
هذا الحديث من جملة ما استند إليه المقدّس الأردبيلي من صحّة عبادة الجاهل إذا كانت مطابقة للواقع ، وقد تقدّم الكلام فيه في محلّه۳ .
ووجه الإشكال في الخبر : أنّه لا يظهر لضميمة التوّابين إلى المتطهّرين معنًى صحيح .
ويمكن الجواب بأنّ هذا الرجل كان قد حصلت منه توبة أيضاً في ذلك اليوم مع التطهير .
أو يقال : إنّ ذكر التوّابين مع المتطهّرين باعتبار شرف التطهير ، فكأنّه قال تعالى : اُحبّ المتطهّرين كما اُحبّ التوّابين ؛ لأنّ محبّة اللَّه تعالى للتوّابين بمرتبة لا يمكن وصفها كما استفاض في الآيات والروايات .
أو يقال : إنّ التوبة هنا بمعنى الرجوع بالمعنى اللغوي ، فإنّه لمّا رجع عن الاكتفاء بالأحجار إلى ضمّ الماء أو إلى التبديل بالماء للَّه تعالى ، فكأنّه رجع إليه تعالى ، ويؤيّد الأوّل والثالث قوله صلى اللَّه عليه وآله : « فكنت أوّل التوّابين » . ولعلّ معناه : أوّل التوّابين في هذا الفعل أو مطلقاً بالمعنى المتقدّم ، أو المراد بالأوّليّة الكماليّة أو بالنسبة إلى الأنصار أو ذلك اليوم ، واللَّه العالم .