535
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

بيان‏

قال المحدّث المحقّق التقي المجلسي :
إنّ الدرهم الذي كان في زمن الرسول ستّة دوانيق فصار ستّة منها على وزن خمسة ممّا كان في زمن الرسول صلى اللَّه عليه وآله ، ثمّ تغيّر إلى أن صار سبعة دراهم على وزن خمسة من دراهم زمانه صلى اللَّه عليه وآله ، فإذا عرفت هذا فيمكن أن يقال في توجيه الخبر : إنّهم لمّا سمعوا أنّ النصاب الأوّل مائتا درهم وفيه خمسة دراهم ، ورأوا في زمانهم أنّ الفقهاء يحكمون بأنّ النصاب الأوّل مائتان وأربعون وفيها سبعة دراهم ولم يدروا السبب في ذلك ، فأجابهم عليه السلام بأنّ علّة ذلك نقص وزن الدراهم ، وإنّما ذكر الأوقية لأنّهم كانوا يعلمون أنّ الأوقية كانت في زمن الرسول صلى اللَّه عليه وآله وزن أربعين درهماً وكانت الأوقية لم تتغيّر عمّا كانت عليه ، فلمّا حسبوا ذلك علموا النسبة بين الدرهمين‏۱ .
وزاد ولده العلّامة الباقر المجلسي رحمة اللَّه عليه أنّه يحتمل أن يقال :
أنّهم كانوا يعلمون تغيّر الدراهم ونقصها ، وإنّما اشتبه عليهم أنّه لِمَ لا يجزي في مائتي درهم من دراهم زمن الرسول صلى اللَّه عليه وآله خمسة من دراهم زمانهم ، فأجاب بأنّ النبيّ قرّر لذلك نصف العشر ، حيث جعل في كلّ أربعين أوقية أوقية ، فلا يجزي في تينك المائتين إلّا سبعة من دراهم زمانهم ، حتّى يكون ربع العشر ، فحسبوه فوجدوه كما قال عليه السلام .
قوله : « مثل هذا » : أي هذا الرجل أو هذا الجواب‏۲ .
ثمّ اعلم أنّه عليه السلام لمّا لم يكن جائزاً له إرسال كتاب فاطمة ؛ لأنّه من أسرار الإمامة إلى الوالي المعاند ، لم يقرّ بكون الكتاب عنده ولم يصرّح بالنفي ؛ لكونه كذباً وإن كان مجوّزاً مع التورية في مقام التقيّة .
فإن قيل : إنّه ورد في بعض الأخبار أنّه ليس في كتاب فاطمة شي‏ء من الأحكام كما رواه في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : « ليس فيه شي‏ء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون »۳ .
قلت : يحتمل أن يكون المراد أنّه ليس فيه حكمٌ أصالةً ، ولا ينافي أن يستنبط من بعض أخباره بعض الأحكام ؛ إذ ما من خبر إلّا ويستفاد منه حكم غالباً ، مع أنّه يحتمل أن يكون كتاب فاطمة غير مصحفها .

1.نقله عن والده في بحار الأنوار ، ج ۴۷ ، ص ۲۲۷ - ۲۲۸ .

2.المصدر ، ص ۲۲۸ .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۴۰ ، باب فيه ذكر الصحيفة والجفر . . . ، ح ۲ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
534

الحديث السادس والأربعون والثلاثمائة

[الخمس في الزكاة من المائتين‏]

۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام عن عليّ بن إبراهيم ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن الحسن بن راشد ، عن عليّ بن إسماعيل الميثمي ، عن حبيب الخثعمي ، قال : كتب أبو جعفر المنصور إلى محمّد بن خالد ، وكان عامله على المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمس في الزكاة من المأتين ، كيف صارت وزن سبعة ، ولم يكن هذا على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، وأمره أن يسأل فيمن يسأل عبداللَّه بن الحسن وجعفر ابن محمّد . قال : فسأل أهل المدينة ، فقالوا : أدركنا من كان قبلنا على هذا ، فبعث إلى عبداللَّه بن الحسن وجعفر بن محمّد ، فسأل عبداللَّه بن الحسن ، فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة . قال : فقال : ما تقول يا أبا عبداللَّه ؟ « فقال : إنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله جعل في كلّ أربعين أوقية أوقية ، فإذا حسبت ذلك كان على وزن سبعة ، وقد كانت على وزن ستّة ، كانت الدراهم خمسة دوانيق » .

قال حبيب : فحسبناه فوجدناه كما قال ، فأقبل عليه عبداللَّه بن الحسن فقال : من أين أخذت هذا ؟ قال : « قرأت في كتاب اُمّك فاطمة » . قال : ثمّ انصرف فبعث إليه محمّد بن خالد أن ابعث إليّ بكتاب فاطمة عليها السلام ، فأرسل إليه أبو عبداللَّه عليه السلام : « إنّي إنّما أخبرتك أنّي قرأته ولم اُخبرك أنّه عندي » . قال حبيب : فجعل محمّد بن خالد يقول لي : ما رأيت مثل هذا قطّ۱ .

1.الكافي ، ج‏۳ ، ص‏۵۰۷ ، باب العلّة في وضع الزكاة . . . ، ح‏۲ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج‏۹ ، ص‏۱۴۹ ، ح‏۱۱۷۱۷ ؛ وفيه إلى قوله : « قرأت في كتاب اُمّك فاطمة » ؛ وبحار الأنوار ، ج ۴۷ ، ص ۲۲۷ ، ح‏۱۷ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10537
صفحه از 719
پرینت  ارسال به