531
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

الحديث الرابع والأربعون والثلاثمائة

[خير الصفوف في الصلاة . . .]

۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : « قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : خير الصفوف في الصلاة المتقدّم ، وخير الصفوف في الجنائز المتأخّر قيل : يا رسول اللَّه ، ولم ؟ قال : سترة للنساء »۱ .

بيان‏

ظاهر الحديث أنّ خير صفوف المصلّين في سائر الصلوات الصفّ المقدّم ، وفي صلاة الجنائز الصف المؤخّر ، وبذلك أفتى جملة من الأصحاب مستدلّين بهذا الخبر .
وقال الصدوق في الفقيه :
وأفضل المواضع في الصلاة على الميّت الصفّ الأخير ، والعلّة في ذلك أنّ النساء يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنائز ، فقال النبيّ صلى اللَّه عليه وآله : « أفضل المواضع في الصلاة على الميّت الصفّ الأخير » ، فتأخّرن إلى الصفّ الأخير ، فبقي فضله على ما ذكره صلى اللَّه عليه وآله‏۲ .
والعلّامة المجلسيّ رحمة اللَّه عليه تفرّد بمعنى آخر استنبطه من الخبر ، ونسب ما فهمه الأصحاب إلى البُعد عن الخبر لفظاً ومعنى من وجوه :
الأوّل : التعبير بالصلاة عن سائر الصلوات مطلقاً من غير تقييد .
الثاني : ارتكاب الحذف والمجاز بأن يكون المراد بالجنائز صلاة الجنائز .
الثالث : تخصيص التعليل بالشقّ الأخير مع جريانه في الأوّل ، إلّا أن يقال : إنّ النساء كنَّ لا يرغبن في سائر الصلوات إلى الصفّ الأوّل ، وهو أيضاً تكلّف ؛ لابتناء الحمل على احتمال لا يعلم تحقّقه ، بل الظاهر خلافه .
الرابع : عدم استقامة التعليل في الأخير أيضاً ؛ إذ لو بُني أنّه عليه السلام قال ذلك تورية لرغبة النساء إلى الأخير فلا يخفى ركاكته وبُعده عن منصب النبوّة ؛ لاشتماله على الحيلة في الأحكام . ولو قيل : أنّ ذلك صار سبباً لتقرّر هذا الحكم وجريانه فهذا أيضاً تكلّف ؛ إذ كان يكفي لتأخير النساء بيان أنّ ذلك خير لهنّ ، مع أنّ الأفضل متعلّق بالرجال في جميع الموارد .
بل الظاهر من الخبر أنّ المراد بالصفوف في الصلاة : صفوف جميع الصلوات الشاملة لصلاة الجنازة : وغيرها ، والمراد بصفوف الجنائز : نفس الجنائز إذا وضعت للصلاة عليها ، والمراد : أنّ خير الصفوف في الصلاة المقدّم ، أي ما كان أقرب إلى القبلة ، وخير الصفوف في‏الجنائز المؤخّر ، أي ما كان أبعد من القبلة وأقرب إلى الإمام ، ولمّا كان الأشرف في جميع المواضع متعلّقاً بالرجال صار الحكمان معاً۳ سببين لسترة النساء ؛ لأنّ تأخّرهنّ في الصفوف سترة لهنّ ، وتقدّم جنائزهنّ ؛ لكونه سبباً لبعدهنّ عن الرجال المصلّين سترة لهنّ فاستقام التعليل ، وسلم الكلام عن ارتكاب الحذف والمجاز ، وصار الحكم مطابقاً لما دلّت عليه الأخبار الكثيرة . والعجب من الأصحاب رحمهم اللَّه كيف ذهلوا عن هذا الاحتمال الظاهر وذهبوا إلى ما يحتاج إلى تلك التكلّفات البعيدة۴ . انتهى كلامه رحمة اللَّه عليه .
وهو جيّد .

1.الكافي ، ج‏۳ ، ص‏۱۷۶ ، باب نادر ، ح‏۳ ، وفيه : صار سترة للنساء ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج‏۳ ، ص‏۱۲۱ ، ح‏۳۱۸۸ .

2.من لا يحضره الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۶۹ .

3.في المصدر : « صار كلّ من الحكمين سبباً » .

4.بحار الأنوار ، ج ۷۸ ، ص ۳۸۸ - ۳۸۹ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
530
  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10550
صفحه از 719
پرینت  ارسال به