519
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
518

الحديث السابع والثلاثون والثلاثمائة

[لا يمسّ الرجل امرأته إذا كان أولد من غيره حتّى تحيض‏]

۰.ما رويناه عن المحقّق البحراني في الدرر النجفيّة ، عن الحميري في قرب الإسناد عن السندي بن محمّد البزّاز ، عن أبي البختري وهب بن وهب القرشي ، عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام : « أنّ عليّاً كان ينهى الرجل إذا كان له امرأة لها ولد من غيره ، فمات ولدها ، أن يمسّها حتّى تحيض حيضة وتستبين ، أهي حامل أم لا ؟ »۱

قال المحقّق المذكور :
قال الشيخ سليمان البحراني في أزهار الرياض : سألت عن هذا الخبر شيخنا المحقّق الشيخ محمّد بن ماجد رحمة اللَّه عليه سنة خمس ومائة وألف من الهجرة ، فأطال الفكرة فيه ثمّ قال رحمة اللَّه عليه : وكان في غاية بعيدة من الورع والإنصاف ، لم يظهر له معنى ، ثمّ بعد موته - عطّر اللَّه مرقده - وجدت من طرق المخالفين نحوه ، كما رواه الشيخ الحموي في فرائد السمطين عن ابن عبّاس ، قال : كنّا في جنازة فقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام لزوج اُمّ الغلام : « امسك عن امرأتك» ، فقال عمر : ولِم يمسك عن امرأته ؟ أخرج ما جئت به . قال : « نعم يا أميرالمؤمنين ، نريد أن نستبرء رحمها ، لا يلقى فيه شي‏ء۲ فيستوجب به الميراث من أخيه ولا ميراث له » . فقال : أعوذ باللَّه من معضلة لا عليّ لها .
وفي مناقب ابن شهر آشوب عن عمران عن الصادق عليه السلام قال : « كان لفاطمة عليها السلام جارية يقال لها : فضّة ، فصارت بعدها إلى عليّ ، فزوّجها من أبي ثعلبة الحبشي فأولدها ابناً ، ثمّ مات عنها أبو ثعلبة وتزوّجها من بعده مليك‏۳ الغَطَفاني - بالغين والطاء المفتوحتين - ثمّ توفّي ابنها من أبي ثعلبة فامتنعت من مليك‏۴ أن يقربها ، فاشتكاها إلى عمر - وذلك في أيّامه - فقال لها عمر : ما يشتكي مليك‏۵منك يا فضّة ؟ فقالت : أنت تحكم في ذلك وما يخفى عليك ، قال عمر : ما أجد لك رخصة ، قالت : يا أبا حفص ، ذهبت بك المذاهب ، إنّ ابني من غيره مات فأردت أن أستبرأ نفسي بحيضة ، فإذا أنا حضت علمت أنّ ابني قد مات ولا أخ له ، وإن كنت حاملاً كان الذي في بطني أخاه ، فقال عمر : شعرة من آل أبي طالب أفقه من عُديّ » .
قال رحمة اللَّه عليه : وبهذين الخبرين ظهر معنى الخبر الأوّل إلّا أنّه إنّما يتّجه على مذاهب العامّة ، فالخبر هنا خارج مخرج التقيّة أو مطّرح [الموافقة العامة] مع أنّ راويه أبو البختري من الكذّابين ، وليت الشيخ كان حيّاً فأهدي ذلك إليه واُوقفه ما غاب عنه وذهب إليه . انتهى‏۶ .
قال المحقّق في الدرر : أقول : وروى شيخ الطائفة في التهذيب عن الحسن بن محمّد ، عن ابن سماعة ، عن محمّد بن زياد ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في امرأة كان لها زوج ولها ولد من غيره وولد منه ، فمات ولدها الذي من غيره ، فقال : « يعتزلها زوجها ثلاثة أشهر حتّى يعلم ما في بطنها ، ولد أم لا » . قال : « فإن كان في بطنها ولد ورث » .
وروى فيه أيضاً عنه - يعني عن ابن سماعة - عن وهب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في رجل تزوّج امرأه ولها ولد من غيره ، فمات الولد وله مال ، قال : «ينبغي للزوج أن يعتزل المرأة حتّى تحيض حيضة تستبرء رحمها ، أخاف أن يحدث بها حمل فيرث من لا ميراث له » . قال في التهذيب بعد نقل الحديث الأوّل : قال أبو عليّ : هذا خلاف الحقّ ليس يعمل به ، وقال بعد الحديث الثاني : قال أبو عليّ : وهذا أيضاً خلاف الحقّ وإنّما الميراث لاُمّ الميّت ، والشيخ قد أورد ذلك في باب الزيادات من كتاب الميراث من التهذيب ، والعجب من شيخنا المذكور لم يقف عليه ، وليته كان حيّاً فأهديه إليه .
والمراد بأبي عليّ في كلام الشيخ هو الحسن بن سماعة ، فإنّها كنيته كما ذكره الشيخ في كتاب الرجال .
وقد حمل في الاستبصار هذين الخبرين على التقيّة .
قال في الوافي بعد نقل ذلك عنه : وأجاد ، والوجه فيه أنّه على تقدير تشريك الإخوة والأخوات مع الاُمّ في الإرث - كما هو مذهبهم - إنّما يرث منهم من كان موجوداً حين الموت ولو كان في البطن ، لا مَن سيوجد فيه بعد ذلك . انتهى . وهو جيّدٌ .
وبالجملة ، فلا ريب في كون هذه الأخبار مخالفة لاُصول المذهب ، وحملها على التقيّة لا يجري في قضيّة فضّة والرواية العامية المنقولة عن الحموي ؛ إذ يبعد تقيّة أميرالمؤمنين من عمر في الأحكام مع جهله بها وعدم معرفته وإذعانه وتسليمه لما يحكم به كما تشير إليه الأخبار المتقدّمة .
وفي هذه الأخبار إشكالان :
أحدهما : من حيث الحكم بميراث الأخ مع وجود الاُم .
وثانيهما : من حيث توريث الحمل قبل وجوده وحياته في بطن اُمّه ، بل بمجرّد كونه نطفة وإن صار بعد ذلك ولداً .
ويمكن الجواب عن الأوّل بحمل الاُمّ على ما إذا كانت أمةً ، فإنّها لا ترث .
والإشكال الثاني لا يحضرني جوابه ، والحمل على التقيّة فيه ما عرفت‏۷ . انتهى ملخّصاً ، واللَّه العالم .

1.الدرر النجفيّة ، ج ۳ ، ص ۲۸۱ ؛ قرب الإسناد ، ص ۶۶ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۲۶ ، ص ۳۰۴ ، ح ۳۳۰۵۰ .

2.في المصدر : « نريد أن يستبرء رحمها ، لا يلقي فيه شيئاً » .

3.في المناقب : « أبو مليك » ، وفي الدرر : « سليل » .

4.في المناقب : «أبي مليك» .

5.في المناقب : « أبو مليك » .

6.إلى هنا انتهى كلام الشيخ سليمان في أزهار الرياض .

7.الدررّ النجفيّة ، ج ۳ ، ص ۲۸۱ - ۲۸۵ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15291
صفحه از 719
پرینت  ارسال به