503
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
502

الحديث الثلاثون والثلاثمائة

[لا عدوى ولا طيرة ولا هامة و . . .]

۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام في الكافي بإسناده عن الحسن بن محبوب ، قال : أخبرنا النضر بن قرواش الجمّال ، قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن الجمال يكون بها الجرب أعزلُها من إبلي مخافة أن يعديها جربها ، والدابّة ربّما صفرتُ لها حتّى تشرب الماء ؟ فقال أبو عبداللَّه : « إنّ أعرابيّاً أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فقال : يا رسول اللَّه ، إنّي اُصيب الشاة والبقرة والناقة بالثمن اليسير وبها جرب ، فأكره شراءها مخافة أن يعدي ذلك الجرب إبلي وغنمي ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : يا أعرابي ، فمن أعدى الأوّل ؟ ثمّ قال رسول اللَّه : لا عدوى ، ولا طيرة ، ولا هامة ، ولا شوم ، ولا صَفر ، ولا رضاع بعد فصال ، ولا تعرّب بعد هجرة ، ولا صمت يوماً إلى الليل ، ولا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك ، ولا يُتم بعد إدراك »۱ .

قيل : العدوى : اسم من الإعداء كالرعوى والبقوى من الارعاء والابقاء ، يقال : أعداه الداء يعديه ، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء .
وقد كانوا يظنّون أنّ المرض بنفسه يتعدّى ، فأبطله الإسلام وأعلمهم أنّه ليس الأمر كذلك ، وإنّما اللَّه تعالى هو الذي يُمرض وينزل الداء .
ويمكن أن يكون المراد نفي استقلال العدوى بدون مدخليّة مشيّته تعالى ، بل مع الاستعاذة باللَّه يصرفه عنه ؛ لما ورد من الأمر بالفرار من المجذوم‏۲ وأمثاله لعامّة الناس لضعف يقينهم أو نفي الاستقلال ، وكونها متعلّقة بمشيّة اللَّه تعالى ، أو أنّ النهي عنها للشفقة ؛ خشية أن يعتقد حقّيّته إن اتّفق إصابة عاهة ؛ وزعم الطبيب أنّ العدوى تكون في سبع : الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والأمراض الوبائيّة .
و( الطِيَرة ) بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكَن ، هي التشاؤم بالشي‏ء ، والمراد : أنّه لا يتشأم بالاُمور ؛ إذ لا تأثير لها على الاستقلال ، بل مع قوّة النفس وعدم التأثّر بها والتوكّل على اللَّه تعالى يرتفع تأثيرها ؛ لما ورد في بعض الأخبار من تأثيرها في الجملة۳ ، وأصلها - أي الطيرة - فيما يقال بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرها ، وكان ذلك يصدّهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع وأبطله .
وقوله : ( ولا هامة ) قال الجزري :
الهامة : الرأس ، واسم طائر ؛ لأنّهم كانوا يتشأمون بها ، وهي من طير الليل ، وقيل : هي البومة ، وقيل : إنّ العرب كانت تزعم أنّ روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة ، فتقول : اسقوني ، اسقوني‏۴ ، فإذا أدرك بثأره طارت ، وقيل : كانوا يزعمون أنّ عظام الميّت - وقيل : روحه - تصير هامة ، فتطير ، ويسمّونه الصدى‏۵ ، فنفاه الإسلام ونهاهم عنه .
وقيل : هي البومة إذا سقطت دار أحدهم رآها ناعية له أو لبعض أهله .
وقوله صلى اللَّه عليه وآله : ( ولا شوم ) كالتأكيد لما مرّ .
وقوله : ( ولا صفر ) ، قيل : كانت العرب تزعم أنّ في البطن حيّة يقال لها الصفر تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه ، وأنّها تعدي ، فأبطل الإسلام ذلك .
وقيل : أراد به النسي‏ء الذي كانوا يفعلونه في الجاهليّة ، وهو تأخير المحرّم إلى صفر ويجعلون صفر هو الشهر الحرام ، وقيل : هو الشهر المعروف زعموا أنّه تكثر فيه الدواهي والفتن ، فنفاه الشارع ، ويحتمل بعيداً أن يكون المراد النهي عن الصفير المسؤول عنه .
( ولا رضاع بعد فصال ) أي لا حكم للرضاع في الزمان الذي يجب فيه قطع اللبن عن الولد ، أي بعد الحولين ، فلا ينشر الحرمة .
( ولا تعرّب بعد هجرة ) أي لا يجوز اللحوق بالأعراب وترك الهجرة بعدها وعُدّ في الأخبار من الكبائر .
( ولا صمت إلى الليل ) أي لا يجوز التعبّد بصوم الصمت الذي كان في الاُمم السالفة ، فإنّه منسوخ في هذا الشرع .
( ولا طلاق قبل نكاح ) كأن يقول : إذا تزوّجت فلانة فهي طالق ، فلا يتحقّق هذا الطلاق ، وكذا قوله : ( ولا عِتقَ قبل ملك ) .
وقوله : ( ولا يُتم بعد إدراك ) أي يرتفع حكم اليتم من حجره ، وولاية الولي عليه ، وحرمة أكل ماله بغير إذن وليّه وغيرها بعد بلوغه .

1.الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۹۶ ، ح‏۲۳۴ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۵۵ ، ص ۳۱۸ ، ح‏۹ .

2.من لا يحضره الفقيه ، ج ۳ ، ص ۵۵۷ عن النبي صلى اللَّه عليه وآله : « فرّ من المجذوم فرارك من الأسد » .

3.فمنها : ما رواه علي بن إبراهيم بسنده عن أبي عبداللَّه عليه السلام : « الطيرة على ما تجعلها ، إن هوّنتها تهوّنت ، وإن شدّدتها تشدّدت ، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً » ، الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۹۷ ، ۲۳۵ .

4.ومنه قول شاعرهم ذي الإصبع العدواني : يا عمرو إن لا تَدَعْ شَتمي ومنقصتي‏ أضربَ حتّى تقولَ الهامةُ اسقوني‏ ( ش )

5.وإيّاه عنى توبة بن الحمير في قوله : ولو أنّ لَيلى الأخيليّة سَلِّمتْ‏ عليَّ ودوني جَندلٌ وصفائحُ‏لسلّمتُ تَسليم البشاشة أو زَقا إليها صدًى من جانب القبر صائحُ‏ ( ش )

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10714
صفحه از 719
پرینت  ارسال به