الحديث الثالث والعشرون والثلاثمائة
[مِمّ خلق اللَّه عزّ وجلّ العقل ؟]
۰.ما رويناه بأسانيدنا السالفة عن الصدوق في العلل بإسناده عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام : « أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله سُئل : ممّ خلق اللَّه عزّ وجلّ العقل ؟ قال : خلقه ملك له رؤوس بعدد الخلائق ، من خلق ومن يخلق إلى يوم القيامة ، ولكلّ رأس وجه ، ولكلّ آدميّ رأس من رؤوس العقل ، واسم ذلك الإنسان على وجه ذلك الرأس مكتوب ، وعلى كلّ وجه ستر ملقى لا يكشف ذلك الستر عن ذلك الوجه حين يولد هذا المولود ، ويبلغ حدّ الرجال أو حدّ النساء ، فإذا بلغ كشف ذلك الستر ، فيقع في قلب هذا الإنسان نور ، فيفهم الفريضة والسنّة والجيّد والردي ، ألا ومثلُ العقل في الإنسان كمثل السراج في وسط البيت »۱ .
قال العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه :
هذا الخبر من غوامض الأخبار والظاهر أنّ الكلام فيه مسوق على نحو الرموز والأسرار ، ويحتمل أن يكون كناية عن تعلّقه بكلّ مكلّف ، وأنّ لذلك التعلّق وقتاً خاصّاً .
وقيل : إنّ لذلك الوقت موانع عن تعلّق العقل من الأغشية الظلمانيّة والكدورات الهيولانيّة كستر مسدول على وجه العقل .
ويمكن حمله على ظاهر حقيقته على بعض الاحتمالات السالفة في كيفيّة خلق العقل .
وقوله : « خلقه ملك » لعلّه بالإضافة ، أي خلقة كخلقة الملائكة في لطافته وروحانيته . ويحتمل أن يكون خلقه مضافاً إلى الضمير مبتدأ وملك خبره ، أي خلقته خلقة ملك أو هو ملك حقيقةً۲ .