الحديث الثامن والثلاثمائة
[أنا النقطة أنا الخط]
۰.ما روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام في غرر الحِكم أنّه قال : « أنا النقطة أنا الخط ، أنا الخطّ أنا النقطة ، أنا النقطة والخط »۱ .
قد ذكر المحدّث الشريف الجزائري في توجيهه وجوهاً :
أحدها : أن يكون المراد من النقطة : القدرة الإلهيّة التي هي الأصل ، ومن الخط : محلها وهو الجسد النوراني ، ووجه المناسبة ظاهر .
ثانيها : أنّ العلوم والأخبار تنتهي إليه ، وعلمه ممتدّ إلى جميع الأئمّة عليهم السلام ، كما أنّ النقطة نهاية الخط ، وهو الامتداد الطولي .
ثالثها : أن يكون إشارة إلى قول الإمام عليه السلام : « أنا الأوّل أنا الآخر ، أنا الظاهر أنا الباطن » . والسرّ في ذلك ما روي عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله من أنّه قال : « خلق اللَّه نوري ونور عليّ وسبّحنا فسبّحت الملائكة ، وهلّلنا فهلّلت الملائكة ، وكبّرنا فكبّرت الملائكة»۲ .
وفي رواية : « أنّ الأمين جبرئيل قال : أتاني هذا الشاب في عالم الأنوار وقال لي : إذا قال لك ربّك من أنا ومن أنت فقل : أنت الربّ ؟ الجليل وأنا الحقير جبرئيل»۳ .
وقد روي أيضاً أنّه قال : « يا محمّد ، إنّ اللَّه بعث عليّاً مع الملائكة باطناً ، وبعثه معك ظاهراً ، وهو يرجع في القيامة الصغرى ، وهو دابّة الأرض التي تخرج في آخر الزمان ، وقد كان حاضراً مع جميع الأنبياء ، وخلّص كلّ واحد منهم من البليّة ، ومن غرائب أسراره حضوره عند كلّ محتضر من الأبرار والفجّار »۴ .
رابعها : أنّه عليه السلام مركز دائرة الكون ، ومحيطها ، ولولاه لما خلق اللَّه شيئاً ، كما يستفاد من بعض الروايات ، وعليه دارت القرون في الدنيا والآخرة ، وعلمه وقدرته محيطان بدائرة الإمكان كما يظهر من خطبة البيان .
خامسها : أنّه عليه السلام صاحب رياسة الإمامة التي هي منتهى الكمالات ، والإذعان بها واجب على جميع الموجودات ، وهي ممتدّة منه عليه السلام إلى ولده صاحب العصر والزمان .
سادسها : أنّه قد اجتمعت فيه أسرار النبوّة التي هي الغاية والإمامة العامّة الممتدّة إلى السلطنة القاهرة عجّل اللَّه ظهورها .
سابعها : أنّه العالم العلوي بالنظر إلى أسرار قدسه وتجرّده ، والسفلي لكونه بشراً مركّباً من العناصر الأربعة۵ . انتهى .
وقد تقدّم توجيه آخر لمثل هذا الحديث في المجلّد الأوّل۶ ، فلا تغفل .
1.نقله ابن شهر آشوب في مناقبه ، ج ۱ ، ص ۳۲۷ ، وبحار الأنوار ، ج ۴۰ ، ص ۱۶۵ .
2.انظر : بحار الأنوار ، ج ۲۵ ، ص ۲۴ .
3.نور البراهين ، ج ۱ ، ص ۳۳۲ .
4.رواه مختصراً المحدث الجزائري في قصص الأنبياء ، ص ۱۰۵ ، نقلاً عن كتاب القدسيّات لبعض علماء الجمهور .
5.لم نعثر على هذا الشرح .
6.راجع الحديث ( ۸۴ ) وشرحه في المجلّد الأوّل .