الحديث الحادي والثلاثمائة
[علّة هبوط الأرواح إلى الأجساد]
۰.ما رويناه عن الصدوق في كتاب التوحيد بإسناده عن عبداللَّه بن فضل الهاشمي ، قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : لأيّ علّة جعل اللَّه تعالى الأرواح في الأبدان بعد كونها في الملكوت الأعلى في أرفع محلّ ؟ فقال عليه السلام : « إنّ اللَّه تبارك وتعالى علم أنّ الأرواح في شرفها وعلوّها ، متى تُركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبيّة دونه عزّ وجلّ ، فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدّرها لها في ابتداء التقدير ؛ نظراً لها ورحمة بها ، وأحوج بعضها إلى بعض ، وأعلى بعضها على بعض ، ورفع بعضها فوق بعض درجات ، وكفى بعضها ببعض ، وبعث إليهم رُسُله ، واتّخذ عليهم حُججه ، مُبشّرين ومُنذرين ؛ يأمرونهم بتعاطي العبوديّة والتواضع لمعبودهم بالأنواع التي تعبّدهم بها ، ونصب لهم عقوبات في العاجل وعقوبات في الآجل ، ومثوبات في العاجل ومثوبات في الآجل ؛ ليُرغّبهم بذلك في الخير ، ويُزهّدهم في الشرّ ، وليُذلّهم بطلب المعاش والمكاسب فيعلموا بذلك أنّهم مربوبون ، وعبادٌ مخلوقون ، ويُقبلوا على عبادته ، فيستحقّوا بذلك نعيم الأبد وجنّة الخلد ، ويأمنوا من النزوع إلى ما ليس لهم بحقّ » .
ثمّ قال عليه السلام : « يابن الفضل ، إنّ اللَّه تعالى أحسن نظراً لعباده منهم لأنفسهم ، ألا ترى أنّك لا ترى فيهم إلّا مُحبّاً للعلوّ على غيره حتّى أنّ منهم لَمَن قد نزع إلى دعوى الربوبيّة ، ومنهم من قد نزع إلى دعوى النبوّة بغير حقّها ، ومنهم من قد نزع إلى دعوى الإمامة بغير حقّها ، مع ما يرون في أنفسهم من النقص والعجز والضعف والمهانة والحاجة والفقر والآلام المتناوبة عليهم ، والموت الغالب لهم والقاهر لجميعهم !
يابن الفضل ، إنّ اللَّه تعالى لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم ، ولا يظلم الناس شيئاً ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون »۱ .