429
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
428

[تشتّت الآراء في وحدة الوجود والموجود]

ولمّا كان الكشف المذكور لا حقيقة له ولا برهان عليه اختلفت كلماتهم ، واضطربت عباراتهم ، وتشقّقت مذاهبهم وآراؤهم في ذلك ، بحيث لا يمكن نظمها في سلك واحد :
فمنهم من بنى ذلك على أنّ للوجود تنزّلاً وترقّياً ، وأنّ الوجود الحقيقي الذي هو عين ذاته تعالى إذا تنزّل مرتبة يصير عقلاً أوّلاً ومرتبتين يصير عقلاً ثانياً ، وهكذا إلى أن يصير عقلاً ثالثاً ، وهكذا إلى أن يصير في آخر مراتبه جماداً أو صوفيّاً ، وهو آخر مراتب التنزّل ، ثمّ يأخذ في الترقّي ، فيصير نباتاً ، ثمّ حيواناً ، ثمّ إنساناً ، ثمّ نفساً فلكيّة ، ثمّ عقلاً ، ثمّ وجوداً محضاً ، فالوجود الحقيقي في جميع المراتب هو ذات الوجود ، وأمّا الهيئة العقليّة والنفسيّه وما عداها فهي عوارض واعتبارات يعرضها باعتبار التنزّلات ، وهم أشبه شي‏ء في هذا بالتناسخيّة .
ومنهم من قال : إنّ الموجودات حقيقة ليس إلّا شيئاً واحداً هو ذات الوجود ، وأمّا التعدّد والتكثّر فأمر اعتباريّ ، لا على سبيل التنزّل في أصل الذات كما قال الأوّلون ، بل الذات الواحد هو عين تلك التعدّدات في الواقع إلّا أنّ العقل يغلط فيزعم أنّها غيره ، ويمثّلون ذلك - أخزاهم اللَّه - بالبحر والموج ، فكما أنّ الأمواج ليست على كثرتها إلّا البحر ، إلّا أنّ الحسّ الغالط يزعم أنّها غيره ، فكذا حال الموجودات الظاهريّة مع الوجود الحقيقي ، كما يستفاد ذلك من بعض أشعار المولوي في المثنوي .
وقد سُئل عبدالرزّاق الكاشاني عن الحلول والاتّحاد ، فقال : هما باطلان ، ليس في الدار غيره ديّار .
ونقل عن الجنيد أنّه قال : ما في جبّتي غير اللَّه .
ومنهم من قال : إنّ التعدّد حقيقيّ وليس اعتباريّاً إلّا أنّ الوجود الحقيقي في الخارج عين تلك التعدّدات ، متّحد معها ، والمغايرة ليست إلّا في العقل ، فنسبة الوجود الحقيقي إلى الموجودات كنسبة الكلّيّ الطبيعيّ إلى أفراده على مذاقهم ، كما حكي ذلك عن عبداللَّه البلبالي‏۱ في رسالته التي موضوعها حديث « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » وحمل معنى الحديث على أنّ العارف إذا عرف حقيقة نفسه عرف أنّها ليست إلّا ربّه ، وكذا إذا عرف جميع الحقائق بحقائقها عرف أنّها ليست إلّا هو ، وقد شرحنا معنى الحديث في المجلّد الأوّل من هذا الكتاب‏۲ .
وقال ابن العربي عامله اللَّه بعدله في خطبة الفتوحات : سبحان من خلق الأشياء وهو عينها۳ ، وهذا المعنى غير الحلول والاتّحاد ، فإنّ هؤلاء صرّحوا بأنّه تعالى فرد واحد في الأزل ، وهو الآن كما كان ، والحلول والاتّحاد عبارة عن صيرورة العارف بعد الوصول إلى مرتبة كمال التجرّد - بكثرة الرياضة والمجاهدة - محلّاً للذات المقدّسة المنزّهة أو متّحداً معه ، تعالى اللَّه عمّا يقوله هؤلاء علوّاً كبيراً .
وبالجملة ، فالحلول والاتّحاد يعتبر فيهما التغاير أوّلاً ، وههنا يدّعون الوحدة كما قال الشبستري :
حلول و اتّحاد اينجا محال است‏كه در وحدت دوئى عين ضلال است‏
ومنهم من يقول :
إنّ الموجود الحقيقي أمر واحد والمتعدّدات ليست تنزّلات له ولا هو عينها في الخارج ، بل هي مظاهر لا يمكن ظهوره عند البصائر والأبصار إلّا في تلك المظاهر كالنور بالنسبة إلى الأشعة .
إلى غير ذلك من المزخرفات والخرافات المخالفة للعقول الصحيحة والنصوص الصريحة .
وقد يطلق وحدة الوجود على معنيين آخرين :
أحدهما : أنّ العارف السالك إذا ارتاض نفسه ، وصيّرها منزّهة عن العوائق الجسمانيّة والغواشي الهيولانيّة ، ومجرّدة عن العلائق المادّيّة ، والشهوات النفسانيّة ، والهموم الدنيويّة ، واجتهد في معرفة ربّه تعالى ، ونظر بعين اليقين إلى آثار صنعه ولطفه ، واستفاد منها اتّصافه تعالى بجميع صفات الكمال وسمات الجلال ، يحصل له شوق إلى الاتّصال بتلك الحضرة المقدّسة ، فيصير أوّلاً بحيث يلاحظ في ضمن كلّ شي‏ء من حيث إنّه صانعه ومدبّره ، وينظر إلى كلّ شي‏ء من حيث إنّه يدلّ عليه ويهدي إليه تعالى .
ثمّ يزداد شوقه ، فيصير حُبّاً ، ثمّ عشقاً ، ثمّ حيرة ، فيرى كلّ شي‏ء أنّه هو ، فيزداد حيرة حتّى يصير ولهاً ، فيفنى فيه وينسى ذاته بالكلّيّة ، ويرى كلّ شي‏ء ونفسه هو ، كما يستفاد ذلك من حديث : « ما رأيت شيئاً إلّا ورأيت اللَّه قبله ومعه وبعده » ،۴وحديث : « كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به »۵ ، فيكون عنده الموجود ليس إلّا واحداً بمعنى أنّه لا يرى ولا يفهم إلّا شيئاً واحداً ؛ لكثرة ولهه ، لا أنّه كلّ شي‏ء في نفس الأمر ، ويستفاد هذا من كلام التقي المجلسي رحمة اللَّه عليه .
وهذا المعنى يمكن أن يقال بصحّته مع تغييرٍ مّا لا يخفى على الفطن ، وتنطبق جملة من الآيات والأخبار والآثار عليه ، كقوله تعالى : « فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ » ،۶وقوله تعالى : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى‏ ثَلَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لَآ أَدْنَى‏ مِن ذَ لِكَ وَ لَآ أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ »۷ ، وقول الحسن عليه السلام : « تعرّفت إليّ في كلّ شي‏ء ، فأنت الظاهر لكلّ شي‏ء »۸ .
وما روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام : « إنّ اللَّه تجلّى لعباده من غير أن رأوه ، وأراهم نفسه من غير أن يتجلّى لهم »۹ .
وقول سيّد الشهداء عليه السلام في دعاء عرفة : « كيف يُستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك ؟ ! متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك ؟ ! ومتى بعُدتَ حتّى تكون الآثار هي التي توصل إليك ؟ ! عميت عينٌ لا تراك ولا تزال عليها رقيباً ، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيباً» - إلى أن قال - : « إلهي ، حقّقني بحقائق القرب ، واسلك بي مسالك أهل الجذب »۱۰ . إلى غير ذلك من الأخبار والآثار .
وثانيهما : أنّ الأشياء في الشهود العلمي والعالم العقلي موجودة بالوجود الحقيقي الذي هو عين ذات الباري ، وأمّا بحسب الوجود الخارجي والشهود العيني فمباينة له ومغايرة لذاته ، كما ذهب إليه بعض المحقّقين كابن جمهور الأحسائي والمحقّق الطوسي في رسالة ( العلم ) والمحقّق الخَضَري ونظائرهم ، واستدلّوا عليه بالبرهان القائم على أنّ الواجب تعالى كان عالماً في الأزل بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال ، ولمّا كان العلم من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة فالعلم الحاصل بالفعل يقتضي معلوماً حاصلاً بالفعل ، والأشياء لم تكن بأعينها الخارجيّة موجودة في الأزل ، فلابدّ أن تكون موجودة في أصل الذات بوجود الذات في الشهود العلمي ، وذلك لأنّ علمه تعالى إمّا حصوليّ أو حضوريّ : لا سبيل إلى الأوّل ؛ لأنّه إمّا أن يكون بحصول الصور القائمة بذاته تعالى - كما ذهب إليه ابن كماليس الملطي - فيلزم كون ذاته تعالى محلّاً للحوادث ، أو تعدّد القديم وكونه محلاً للكثرة ، أو تكون قائمة بجواهر اُخرى - كما ذهب إليه ساليس الملطي واختاره الشيخ الرئيس في إشاراته - فيلزم تعدّد القديم أو حدوث علمه تعالى ، أو قائمة بذاتها كما حقّق في محلّه .
ويرد على الكلّ افتقاره تعالى في الصفة الكماليّة إلى الغير ، وكونه جاهلاً قبل خلق الصور والجواهر والتسلسل فيهما ، أو كونه موجباً بالنسبة إليهما ، وعدم كون علمه تعالى عين ذاته ، وغير ذلك من المفاسد .
وأمّا الثاني فلا يخلو أن تكون حاضرة بذواتها العينيّة ، والمفروض أنّها حادثة فيما لا يزال في كلّ وقت معيّن ، وهو بديهيّ البطلان ، أو بذواتها الذهنيّة ، ولا ذهن سوى ذاته تعالى ، فيلزم أن تكون موجودة في ذاته بوجودات ظلّيّة مثاليّة هي عين وجود ذاته تعالى ؛ لئلّا يلزم كون ذاته تعالى ظرفاً للوجود المتكثّر ، فالوجود الذي هو عين ذاته تعالى وجودات ظلّيّة بالنسبة إلى الأشياء ، فذاته باعتبار كونه منشأ لانكشاف الموجودات - كالصور العلميّة لنا - علم بها ، وباعتبار علمه بذاته ، وكون ذاته علّة للأشياء ، وكون العلم بالعلّة مستلزماً للعلم بالمعلول عالم بها ، وباعتبار عينيّة المعلومات مع ذاته ، وكونها شؤوناً واعتبارات لذاته في الشهود العلمي معلومة ، فالعلم والعالم والمعلومات واحد ، والتغاير اعتباريّ ، فعند هؤلاء : الموجود الحقيقي أمر واحد أيضاً ليس إلّا ، لكن في عالم الشهود العلمي لا في عالم الوجود العيني كما ذهب إليه الأوائل‏۱۱ . هذا خلاصة الكلام في وحدة الموجود .
وأمّا الكلام في وحدة الوجود فمن قال بها قال : إنّ الوجود ليس محض المعنى الانتزاعي كما قال به المتكلّم ، بل به له حقيقة ثابتة شخصيّة قائمة بذاتها لا تعدّد فيها ولا كثرة بالذات ، بل لها تعدّد بالعرض وبالنسبة إلى انتساب الماهيّات إليها ، وهي منشأ انتزاع المعنى الانتزاعي ، وبها يصير الموجود موجوداً والكائن كائناً ، وأكثرهم يستندون أيضاً في صحّة دعواهم هذه إلى المكاشفة والإشراق والشهود ، والعقل والحسّ عن فهم ذلك معزول .
وربّما تصدّى بعض متأخّريهم‏۱۲لبيان هذا المسلك فقال : أمّا أنّ الوجود له حقيقة ثابتة فلأنّا نجد في الموجود من حيث إنّه موجود معنى ينافي اللّاشيئيّة والمعدوميّة ، وهو المعنى الذي حكموا بأنّه يتقدّم على جميع الاتّصافات بالمعاني التي هي غيره ، ولمّا كان الشي‏ء العقلي الذي لا تحقّق له بذاته ، بل هو تابع في تحقّقه لغيره ، لا يصحّ أن يمنع الانعدام ويتقدّم على الاتّصافات بغيره في ذلك المنع والتقدّم يُعلم أنّ له حقيقة متحقّقة في نفس الأمر .
وأيضاً لا شبهة في أنّ الماهيّات باعتبار ذواتها مع قطع النظر عن انضمام الوجود إليها لا تكون منشأ لانتزاع الموجوديّة ، والوجود الإثباتي الانتزاعي لا تحقّق له في‏الخارج وفي نفس الأمر ، فبملاحظة أنّ انضام المعدوم إلى المعدوم لا يفيد الموجوديّة يعلم أنّ للوجود حقيقة ثابتة فى نفس الأمر ، هي منشأ انتزاع الموجوديّة .
وأيضاً الأشياء المتغايرة الوجود إنّما يكون تحقّقها بالوجود ، فالوجود نفسه أولى بالتحقّق ؛ ضرورة أنّ ما لا تحقّق له لا يفيد التحقّق لغيره .
وقال المتكلّم في الجواب : إنّا لا نفهم من الوجود إلّا كونه منشأ للآثار ، والشي‏ء يصير منشأ لها باعتبار علّته ، فالمعدوم ما لم تتحقّق علّته لا يمكن للعقل انتزاع هذا المعنى منه ، وإذا تحقّقت علّته فينتزع منه ذلك ، وهو عبارة عن وجوده ليس إلّا ، ولا يحتاج الموجود في كونه منشأ للآثار إلّا إلى علّته .
قالوا : إنّ الذوق السليم والطبع المستقيم يحكم بداهة بأنّ كون الشي‏ء منشأ للآثار معنًى متأخّر عن تحقّقه تابع له متفرّع عليه ؛ ضرورة أنّ الشي‏ء ما لم يتحقّق لم يصر منشأ لشي‏ء ، ويلزم من هذه المقدّمة البديهيّة وممّا اعترفوا به أن يكون تحقّق الشي‏ء عبارة عن علّته ، وحينئذٍ فالعلّة التي هي التحقّق إن كان تحقّقها بذاتها لا بتحقّق علّة اُخرى فهو المطلوب ، وإلّا انتقل الكلام إلى تحقّقه - أي علّته - وتحقّق تحقّقه وهكذا ، فلابدّ أن ينتهي إلى تحقّق قائم بذاته حاصل بنفسه ، وهو عبارة عن الوجود الحقيقي وحقيقة الوجود ، وهو الذي يصير به كلّ شي‏ء منشأ للآثار ، وهي علّة العلل ووجودها وتحقّقها ، وباعتبار ارتباط الأشياء به ينتزع منه الكون المذكور .
وأمّا أن كانت هذه الحقيقة شخصيّة قائمة بذاتها فلأنّ كلّ حقيقة مغايرة للوجود فهي ما لم ينضمّ إليها الوجود في نفس الأمر لم تكن موجودة فيها ، وما لم يلاحظ العقل انضمام الوجود إليها لم يكن له الحكم بكونها موجودة ، فكلّ حقيقة مغايرة للوجود فهي في كونها موجودة محتاجة إلى الغير الذي هو الوجود ، وكلّما هو محتاج في كونه موجوداً إلى غيره فهو ممكن ، ولا شي‏ء من الممكن بواجب ، فلا شي‏ء من الحقائق المتغايرة الوجود بواجب .
وقد ثبت أنّ الواجب موجود فهو إذاً لا يكون إلّا عين الوجود ، ولمّا وجب أن يكون الواجب جزئيّاً حقيقيّاً قائماً بذاته متعيّناً بنفسه لا بأمر زائد على ذاته وجب أن يكون الوجود الذي هو عينه كذلك .
فإن قيل : يتوجّه على المقدّمة القائلة : أنّ كلّ محتاج في كونه موجوداً إلى غيره ممكن ، منع لطيف ، وهو أنّ المحتاج إلى غيره الذي هو ممكن إنّما هو المحتاج إلى موجد له قطعاً لا المحتاج إلى غيره الذي هو وجوده .
قيل : يندفع هذا المنع بنظر دقيق ، وهو أنّه لمّا احتاج في وجوديّته إلى غيره فقد استفاد من الغير ، وصار معلولاً له موقوفاً عليه في ذلك ، وكلّ ما كان كذلك فهو ممكن ، سواء سمّي ذلك الغير موجداً أو موجوداً ، فافهم .
ثمّ إن قيل على أصل المدّعى : إنّه إنّما يتمّ لو سلّم كون الوجود حقيقة واحدة ، وإلّا فلِم لا يجوز أن يكون الوجود حقيقة جنسيّة لها نوعان مختلفان ، يكون أحدهما منحصراً في شخصه ، وهو الذي عين ذات الواجب ، والآخر له أفراد مطابقة لأفراد الممكن ؟
فيقال : إنّ هذا الاحتمال ظاهر البطلان ؛ إذ أوّل ما فيه أنّه يلزم منه أن يكون للواجب جنس وفصل ، وهو يستلزم التركيب المنافي للوجوب الذاتي .
وثانياً۱۳ : إنّ تلك الوجودات المغايرة لوجود الواجب لا يخلو إمّا أن تكون قائمة بذواتها أو لا ؛ فعلى الأوّل يلزم تعدّد أشخاص قائمة بذواتها غير محتاجة إلى غيرها ، وهو ينافي التوحيد اللازم للوجوب الذاتي ، وأيضاً يلزم أن يكون في الكون حقائق ثابتة ليست معلولة لواجب الوجود ، بل يلزم أن لا يكون شي‏ء من الموجودات معلولاً له تعالى ؛ لأنّها موجودة بوجودات ليست صادرة عنه كما هو المفروض ، وهو ينافي ما ثبت من كون واجب الوجود علّة لجميع ما دونه .
وعلى الثاني يلزم أن يكون نوع جنس واحد معلولاً لنوع آخر ، وهو يستلزم أن يكون الذاتي مقولاً على ما تحته بالتشكيك ؛ ضرورة وجوب تقدّم العلّة على المعلول بالذات وأولويّتها بالتحقّق منه .
على أنّ وحدة الوجود الانتزاعي ، وأنّ المفهوم منه معنى واحد ليس إلّا كما تشهد به بداهة العقل ، ودلالاته مؤيّدات صدق بل شواهد عدل على وحدة الوجود الحقيقي الذي هو منشأ الانتزاع ، كما لا يخفى على من له حدس سليم .
فقد ثبت أنّ للوجود حقيقة شخصيّة منزّهة عن عروض التعدّد والكثرة ، غير قائمة بشي‏ء سوى ذاتها ، بل الأشياء قائمة بها منسوبة إليها ؛ إمّا بالنسبة الاتّحاديّة كما في الواجب تعالى ، أو بالنسبة الارتباطيّة كما في الممكن .
هذا خلاصة ما صحّحوه به ، وهو المنقول عن ابن جمهور الأحسائي والمحقّق الطوسي رحمة اللَّه عليه والمحقّق الخفري ، والسيّد الداماد ، وعبدالرزّاق اللاهيجي ، وهو - مع ما فيه من التكلّف والبُعد - بمعزل عن المعنى الذي يطلقونه ويثبتونه لوحدة الوجود ، وهنا كلام طويل ليس هنا محلّ ذكره ، واللَّه العالم بالصواب .

1.هو السيّد عبداللَّه بن محمّد الأوحدي الدقاقي الحسني البلبالي ، ولم نقف على رسالته .

2.راجع : شرح الحديث ( ۳۰ ) من الجزء الأوّل .

3.لم نعثر على هذا الكلام في خطبة الفتوحات .

4.لم نظفر به في مصادر الحديث ونقله صدر المتألّهين في أسفاره ، ج ۲ ، ص ۱۱۷ ؛ والمجلسي في مرآة العقول ، ج ۱۰ ، ص ۳۹۱ وغيرهما .

5.الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۵۲ ، باب من آذى المسلمين واحتقرهم ، ح ۷ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۴ ، ص ۱۰۳ ، ح ۱۵۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۴ ، ص ۷۲ ، ح ۴۵۴۴ .

6.البقرة ( ۲ ) : ۱۱۵ .

7.المجادلة (۵۸) : ۷ .

8.بحار الأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۱۴۲ . وفيه : وفي كلام سيّد الشهداء أبي عبداللَّه الحسين صلوات اللَّه على جدّه . . . وقال : « تعرّفت إليّ في كلّ شي‏ء ، فرأيتك ظاهراً في كلّ شي‏ء ، فأنت الظاهر لكلّ شي‏ء » .

9.المفردات ، ص ۵۲ .

10.إقبال الأعمال ، ص ۳۴۹ ؛ بحار الأنوار ، ج ۹۵ ، ص ۲۲۶ .

11.يراجع للتفصيل نهاية الحكمة ، ص ۳۵۲ - ۳۵۵ .

12.وهو صدر المتألّهين في أسفاره ، ج ۲ ، ص ۶۶ نقلاً بالمضمون .

13.وأمّا الأوّل فهو قوله : « إذ أوّل ما فيه » .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10861
صفحه از 719
پرینت  ارسال به