فائدة [شرح بيتين من الشعر للسيّد الداماد]
قال السيّد الداماد في أوّل (الجذوات) :
عَينان عَينان لم يكتبهما قَلمٌفي كلِّ عَينٍ من العينين عَينانِ
نُونان نُونان لم يَكنفهما رَقمٌفي كلِّ نُونٍ من النونين نونانِ
قال بعض الفضلاء۱ في تفسيرهما : « عينان عينان » هما : عين الإبداع وعين الاختراع ، عينان ينبوعان . «لم يكتبهما قلم» أي عقلٌ من العقول الفعّالة والجواهر القدسيّة ؛ لأنّه مع قدسيّته وفعليّته وملكوتيّته عينان ينبوعان في ساهرة الإمكان الذاتي وبلقعة۲ الليس والبطلان في جوهر ذاته وسنخ حقيقته ، فلا يكون في منّته وقدرته إعطاء الوجود الإبداعي وإفاضته ، ولا الوجود الاختراعي وإفادته ، بل أنّ ذلك أمر استأثر به القيّوم الواجب بالذات ؛ لأنّه عين الحقيقة وينبوع الوجوب .
«في كلّ عين من العينين عينان » : أمّا في عين الإبداع فعينا عالم العقل وعالم النفس ، وهما عينان خرّارتان تجريان على ينابيع أنوار مختلفة ، تنبع من كلّ منهما الأشعة والإشراقات وجداول التدبير والرشحات .
وأمّا في عين الاختراع فعينان اُخريان هما : عالم المواد وعالم الصور ، وهما إقليما بساط عالم الشهود والملك اللذان هما ينبوعان ، تنبع من كلّ منهما ينابيع أنواع مختلفة ، منها ينبوع ذوات كثيرة ، وهويات عديدة ، وهو إقليم الطبيعة .
«نونان» حرفيّاً ، وهما نون التكوين ونون التدوين ، وهما نونان حوتان سبّاحان في بحر الإفاضة وبحر الإيجاد ، ولم يكتبهما كتبة صنعة وإيجاد ، وفي بعض النسخ : «لم يكنفهما» أي لم ينلهما رقم الإيجاد والصنع من المفارق الصرف فضلاً [عن غيره] ، بل إنّه من صنع الواجب الحقّ تعالى وصنع مجده .
« في كلّ نون من النونين » أي نون التكوين ونون التدوين . « نونان » : أمّا في نون التكوين فنونان : أحدهما ، الإمكان الذاتي ، وثانيهما : الإمكان الاستعدادي ، وأمّا في نون التدوين فنونان : أحدهما : أحكام معالم الدين ، وثانيهما : علوم حقائق الكون۳ . انتهى .
1.وهو العلّامة السيّد أحمد العلوي العاملي .
2.في المصدر : « ويكنفه الليس » .
3.شرح القبسات ، ص ۱۳۱ في الهامش بتفاوت يسير وزيادة أثبتناها من المصدر .