الحديث الثالث والتسعون والمائتان
[قول الإمام في زيارة الجوادين : يامن بدا للَّه في شأنه]
۰.ما رويناه بالأسانيد عن ثقة الإسلام في الكافي وابن قولويه في الكامل ، عن محمّد بن جعفر الرزّاز الكوفي ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عمّن ذكره عن أبي الحسن عليه السلام في زيارة الإمامين موسى والجواد عليهما السلام ، وفيها لكلّ منهما : « السلام عليك يا من بدا للَّه في شأنه »۱ .
والصدوق في الفقيه روى هذه الزيارة بإسقاط هذه الفقرة۲ ، وقد تقدّم الكلام في البداء مستقصىً مشروحاً۳ ، والبداء في الكاظم عليه السلام يمكن أن يكون إشارة إلى البداء الواقع في أخيه إسماعيل عليه السلام ، فإنّ البداء في إسماعيل يستلزم البداء فيه ويكون المعنى : أنّ الإمامة لمّا كان الشائع بين الناس كونها في أكبر الأولاد بعد وفاة الأب ، وكان إسماعيل أكبر أولاده ، وكان جميع الأصحاب أو أكثرهم يظنّون أنّه الإمام ، فلمّا مات ظهر لهم خلافه ، فأطلق البداء عليه باعتبار ظهوره عند الناس لا بالنسبة إلى اللَّه تعالى .
ويمكن أن يكون البداء فيه إشارة إلى كتابة إمامته في لوح المحو والإثبات ، ثمّ محوها وإثبات إمامة الكاظم لمصلحة لا نعلمها .
ويمكن أن يكون البداء فيه إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار أنّه عليه السلام كان قُرّر له أنّه القائم بالسيف ، ثمّ بدا للَّه فيه۴ بأحد المعاني المتقدّمة للبداء .
وأمّا البداء في الجواد عليه السلام فيمكن أن يكون بالمعنى الثالث ، ويمكن أن يكون أنّه عليه السلام لمّا تولّد بعد يأس الناس منه فكأنّما بدا للَّه فيه ، وفي بعض النسخ : « يا من بدأ اللَّه في شأنه » ، بالهمزة ، أي أراد اللَّه إمامته أو بدأ بها خلقه ، وفي بعضها : يا من بدا للَّه في شأنه من الإرادة ، وحينئذٍ فلا إشكال .
ثمّ قال الصدوق في الفقيه بعد إيراد هذه الزيارة :
ثمّ صلِّ في القبّة التي فيها محمّد بن عليّ أربع ركعات بتسليمتين عند رأسه ، ركعتين لزيارة موسى وركعتين لزيارة محمّد بن عليّ ولا تصلّ عند رأس موسى عليه السلام فإنّه مقابل قبور قريش ولا يجوز اتّخاذها قبلة۵ . انتهى .
ولا يخلو من غرابة إن كان فتوى ، وإن كان رواية - كما هو الظاهر - فالأولى توجيهه بأنّ التعليل للتقيّة ؛ لأنّ العلّة عندنا في النهي عن الصلاة عند رأس الكاظم عليه السلام هو التقدّم على الإمام المنهيّ عنه في الأخبار ، ولمّا كان عند العامّة ذلك غير مضرّ علّله عليه السلام بما يوافق رأيهم من استلزام اتّخاذ الغير قبلةً المنهيّ عنه ، واللَّه العالم .
1.الكافي ، ج ۴ ، ص ۵۷۸ باب القول عند أبي الحسن موسى عليه السلام ، ح۱ ؛ كامل الزيارات ، ص ۳۰۱ ح۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۴ ، ص ۵۴۸، ح۱۹۷۹۶ .
2.من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۶۰۱ - ۶۰۲ ، ح ۳۲۱۲ .
3.في الجزء الأوّل الحديث ( ۵ ) .
4.انظر : بحار الأنوار ، ج ۹۹ ، ص ۹ .
5.من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۶۰۲ ، ح ۳۲۱۲ .