بيان
قوله : ( عزائم أمره ) أي الاُمور اللازمة من الواجبات والمحرّمات وجميع الأحكام ، فإنّ تبليغها كان عليه صلى اللَّه عليه وآله واجباً .
( والخاتم لما سبق ) أي لمن سبق من الأنبياء ولما سبق من مللهم وشرائعهم أو المعارف والأسرار .
( والفاتح لما استقبل ) أي لمن بعده من الحجج عليهم السلام أو لما استقبله من المعارف والعلوم والحِكم .
( والمهيمن على ذلك كلّه ) أي الشاهد على الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ، أو المؤتمن على تلك المعارف والحكم .
وقوله عليه السلام : ( الذي بعثته ) يحتمل أن يكون صفة للوصي وللرسول ، وعلى الثاني فقوله ( والدليل ) مجرور ليكون معطوفاً على قوله ( وصيّ رسولك ) .
وقوله : ( وديّان الدين بعدلك) أي قاضيالدين ومُحكمه وحاكمه الذي يقضي بعدلك .
( وفصل قضائك ) أي حكمك الذي جعلته فاصلاً بين الحقّ والباطل ، بأن يكون قوله «وفَصْل» مجروراً معطوفاً على عدلك .
( على خالصة اللَّه ) أي الذين خلصوا عن محبّة غيره تعالى ، أو خلصوا إلى اللَّه ووصلوا إلى قربه ومحبّته .
( وصاحب الميسم ) إشارة إلى ما ورد في الأخبار من أنّه عليه السلام الدابّة التي تخرج في آخر الزمان ومعه العصا والميسم يسم بهما وجوه المؤمنين والكافرين۱ .
( ومضيت للذي كنت عليه شهيداً وشاهداً ومشهوداً ) يحتمل وجوهاً :
الأوّل : أن يكون اللام بمعنى «في» كما في قوله تعالى : « وَ نَضَعُ الْمَوَ زِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَمَةِ »۲ ، ويقال : مضى لسبيله ، أي مات ، والمعنى : مضيت في الطريق الذي كنت عليه من الحقّ آيلاً أمرك إلى الشهادة وعالماً بحقيّة ما كنت عليه ، شاهداً على ما صدر من الاُمّة ، أو منهم وممّا مضى من جميع الأنبياء السالفين واُممهم ، ومشهوداً يشهد اللَّه ورسولُهُ والملائكة والمؤمنون لك بأنّك كنت على الحقّ وأدّيت ما عليك .
الثاني : أن يكون اللام بمعنى «إلى» كما في قوله تعالى : « بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا »۳ ، أي مضيت إلى عالم القدس الذي كنت عليه قبل النزول إلى مطمورة الجسد شهيداً وشاهداً ومشهوداً بتلك المعاني [التي سلفت] .
الثالث : أن يكون اللام صلة للشهادة ، أي مضيت شاهداً لما كنت عليه من الدين ، شهيداً عالماً به ، ومشهوداً بأنّك عملت به .
الرابع : أن يكون اللام للتعليل للشهادة بناءاً على تقدّم الشهيد ، أي إنّما قتلوك وصرت شهيداً لكونك على الحقّ .
الخامس : أن يكون اللام للظرفيّة وكلمة «على» تعليليّة ، أي مضيت في السبيل الذي لأجله صرت قتيلاً وشاهداً على الاُمّة ومشهوداً عليك .
السادس : أن يكون اللام ظرفيّة أيضاً ويكون المعنى : مضيت في سبيلٍ كنت متهيّئاً له ، موطّناً نفسك عليه ، وهو الموت كما يقال : فلان على جناح السفر ، فيكون كناية عن كونه صلى اللَّه عليه وآله مستعدّاً للموت غير راغب عنه۴ .
و( الجبت ) - بالكسر والضمّ - : الكاهن والساحر وكلّ ما عُبِد من دون اللَّه .
و( الطاغوت ) الشيطان وكلّ رئيس في الضلالة ، وقد يطلق على الصنم أيضاً ، ولعلّ المراد بالجوابيت والطواغيت والفراعنة أوّلاً جميع خلفاء الجور ، وباللات والعزّى والجبت والطاغوت صنما قريش ، وخُصّا بالذكر للتأكيد .