الحديث الثمانون والمائتان
[من قرأ آية الكرسي... لم يمنعه من دخول الجنّة إلّا الموت]
۰. ما روي في بعض الأخبار : أنّ من قرأ آية الكرسي في وقتِ كذا لم يمنعه من دخول الجنّة إلّا الموت۱ .
قال صاحب الدرّ المنثور :
قد خطر لي فيه أوجه :
أحدها : أنّه لا مانع له إلّا أن يموت لا غير ذلك من عذاب البرزخ والقبر ، وأيّام الحياة لا تدخل في ذلك ؛ لأنّها ليست من الأوقات التي يدخل فيها الجنّة أو غيرها ، بل من الموت إلى أن يدخل الجنّة لتحقّق الموانع ، فلا يمنعه شيء غير ذلك ، ومعنى كونه مانعاً : أنّ وقت مفارقة الروح مانع ، فإذا انقضى ذلك الوقت وتحقّقت المفارقة زال ذلك المانع ، ودخول الجنّة يلزمه رجوع الحياة ، بل الحياة تحصل وإن لم يدخل الجنّة ، وفي رواية برير وعبدالرحمان بن عبد ربّه : فواللَّه ، ما هو إلّا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا ، نعالجهم بها ساعة ثمّ نعانق الحور العين ، فكأنّ المانع لهم من دخول الجنّة ومعانقة الحور العين لقاء القوم والمعالجة بالسيوف دون غير ذلك من الموانع .
ثانيها : أن يكون المراد : أنّ اللَّه سبحانه لمّا قضى الموت على كلّ أحد ، واقتضت الحكمة أن لا يدخل الجنّة غالباً إلّا بعد حصول الموت ، فالموت حائل بين هذا الشخص ودخول الجنّة ، فمن حيث إنّه لابدّ من حصوله ووقوعه قبل دخول الجنّة يكون وقوعه مانعاً ، ولولاه لم يكن لهذا مانع من الدخول فيه ، فيدخلها ولو من غير موت .
ثالثها : أن يكون المراد : لا يمنعه إلّا انقضاء الأجل بالموت ، واكتفى بالغاية التي هي الموت عن ذكر ما هي غاية له من العمر للعمل بما قبلها .
رابعها : أن يكون المعنى : إلّا توقّع الموت ووقوعه .
خامسها : أن يكون المعنى : عدم الموت ، وذكر الموت باعتبار أنّ ما هو غاية الموت كالموت . انتهى .