347
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

الحديث التاسع والخمسون والمائتان‏

[لو كان القرآن في إهاب ما مسّته النار]

۰.ما روي عن عقبة بن عامر عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إنّه قال : « لو كان القرآن في إهاب‏۱ ما مسّته النار »۲ .

وهو يحتمل وجوهاً :
الأوّل : أن يكون الإهاب كناية عن القلب الحافظ للقرآن ، والمراد أنّ حافظ القرآن وواعيه لا تحرقه نار جهنّم ، ونحوه ما روي عنه صلى اللَّه عليه وآله من قوله : « إنّ اللَّه لا يعذّب قلباً وعى القرآن »۳ ، والمراد بحفظه عدم التجاوز عن حدوده وأحكامه وحرامه .
الثاني : أن يكون المراد أنّه إذا جعل في إهاب واُلقي في النار أحرقت الإهاب والجلد والقرطاس والمداد ولا تحرق القرآن ، بل يرفع إلى السماء .
الثالث : أنّ المراد أنّه إذا اُحرق القرآن في الصحف فلا يزول القرآن عن الصدور ، فإنّ الحافظ يحفظه ، ويكون هذا من خواصّ القرآن .
الرابع : أن يكون الغرض منه التمثيل ، أي أنّ القرآن لعظيم قدره وفخامة شأنه بحيث لو كانت النار تميّز بين الشريف والوضيع وكانت لا تحرق الشريف لما أحرقته ، ففي الحديث القدسي : « إنّي منزل إليك كتاباً لا يغسله الماء ، تقرؤه نائماً ويقظاناً » ، ومراده بذلك أيضاً التمثيل ، وكما قال تعالى : « لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى‏ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ »۴ أي لو كان الجبل ممّا يتصدّع ويخشع لشي‏ء من جهة عظم قدره لخشع وتصدّع للقرآن ، فكلّ ذلك تمثيل .
الخامس : أن يكون المعنى : أنّ القرآن هو الألفاظ مع المعاني أو الألفاظ حسب ، ولا خفاء في امتناع أن تكون الألفاظ والمعاني في إهاب ، وحينئذٍ فيكون المعنى : أنّ القرآن لو أمكن أن يكون في إهاب ، فيجعل فيه ويلقى في النار لما أحرقته .
السادس : أن يكون المعنى : أنّ من القرآن ما يكون من خواصّه أنّه إذا كتب في إهاب وطرح في النار لما أحرقت النار الإهاب ، وقد قيل في خواصّ بعض الآي ذلك ، وإطلاق القرآن على البعض جائز كما قيل في قوله تعالى : « إِنَّآ أَنزَلْنَهُ قُرْءَ نًا عَرَبِيًّا »۵أنّ الضمير راجع إلى السورة۶ .

1.الإهاب هو الجلد ، وقيل : إنّما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ ، فأمّا بعده فلا . انظر : كتاب العين ، ج ۴ ، ص ۹۹ ( أهب ) .

2.جامع الأخبار ، ص‏۴۸ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۴ ، ص ۱۱۲ ، ح ۱۷۲ ؛ بحار الأنوار ، ج‏۸۹ ، ص‏۱۸۴ ، ح‏۱۹ ؛ مستدرك الوسائل ، ج‏۴ ، ص‏۲۳۳ ، ح‏۴۵۷۳ .

3.وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۱۶۷ ، ح ۷۶۴۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۸۹ ، ص ۱۹ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۴ ، ص ۲۴۵ ، ح ۴۶۰۸ .

4.الحشر ( ۵۹ ) : ۲۱ .

5.يوسف (۱۲) : ۲ .

6.الأمالي للسيّد المرتضى ، ج ۲ ، ص ۸۳ - ۸۴ ، المجلس ۳۲ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
346

الحديث الثامن والخمسون والمائتان‏

[توضّؤوا ممّا غيّرت النار]

۰.ما روي عنه صلى اللَّه عليه وآله إنّه قال : « توضّؤوا ممّا غيّرت النار »۱ .

أقول : المراد به - على تقدير ثبوته - النزاهة ، فإنّ الوضوء لغة بمعنى النزاهة ، بل قد يستعمل في الشرع كذلك ، كما ورد في استحباب الوضوء قبل الطعام وبعده‏۲ ، والمراد : نزّهوا أيديكم واغسلوها إذا مسستم ما غيّرته النار من المطبوخات ، فإنّهم - كما قيل - كانوا في زمن الجاهليّة لا يتنزّهون عن ذلك ، وعن قتادة ، قال : غسل اليدين وضوء۳ .

1.ذكره السيّد المرتضى في الأمالي ، ج ۲ ، ص ۵۸ ، مجلس ۳۰ .

2.الكافي ، ج ۶ ، ص ۲۹۰ ، باب الوضوء قبل الطعام وبعده ؛ من لا يحضره الفقيه ، ج ۳ ، ص ۳۵۸ ، ح ۴۲۶۳ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۹ ، ص ۹۸ ، ح ۱۵۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۳۴۷ ، ح ۲۰۷۰۴ .

3.الأمالي للسيّد المرتضى ، ج ۲ ، ۵۸ - ۶۰ ملخّصاً .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10576
صفحه از 719
پرینت  ارسال به