الحديث الخامس والخمسون والمائتان
[ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنّة]
۰.ما رويناه عن ابن قولويه في الكامل عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إنّه قال : « ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنّة ، وإنّ منبري على تُرْعة من ترع الجنّة »۱ .
بيان
نقل عن الجزري أنّه قال في تفسير الحديث :
« الترعة » في الأصل : الروضة على المكان المرتفع خاصّة ، فإذا كان على المطمئنّ فهي روضة . قال القتيبي : المعنى حينئذٍ أنّ الصلاة والزكاة في هذا الموضع تؤدّيان إلى الجنّة فكأنّه قطعة منها . وقيل : الترعة : الدرجة ، وقيل : الباب۲ .
وقال الكفعمي رحمة اللَّه عليه :
ذكر السيّد الرضي في مجازاته في تفسير الترعة : هنا ثلاثة أقوال : الأوّل : أن يكون اسماً للدرجة ، الثاني : أن يكون اسماً للروضة على المكان العالي خاصّة ، الثالث : أن يكون اسماً للباب ، وهذه الأقوال تؤولّ إلى معنى واحد ، فإن كانت الترعة بمعنى الدرجة فالمراد أنّ منبره صلى اللَّه عليه وآله على طريق الوصول إلى درج الجنّة ؛ لأنّه صلى اللَّه عليه وآله يدعو عليه إلى الإيمان ، ويتلو قوارع القرآن ، ويخوّف ويزجر ويعد ويُبشِّر ، وإن كانت بمعنى الباب فالقول فيهما واحد ، وإن كانت بمعنى الروضة على المكان العالي فالمراد بذلك أيضاً كالمراد بالقولين الأوّلين ؛ لأنّ منبره على الطريق إلى رياض الجنّة لمن طلبها وسلك السبيل إليها ، وفيه زيادة معنى ، وهو : أن يكون إنّما شبّهه بالروضة لما يمرّ عليه من محاسن الكلم وبدائع الحكم التي تشبه أزاهير الرياض وديابيج النبات۳ ، ويقولون في الكلام الحسن : كأنّه قطع الروض وكأنّه ديباج الرقيم .
وأضاف صلى اللَّه عليه وآله الروضة إلى الجنّة ؛ لأنّ الكلام المونق الذي يتكلّم به صلى اللَّه عليه وآله۴يهدي إلى الجنّة .
ويقول بعضهم : الترعة : الكوّة ، وهو غريب ، فإن كان المراد ذلك فكأنّه صلى اللَّه عليه وآله قال : منبري على مطلع من مطالع الجنّة ، والمعنى قريب من معنى الباب ؛ لأنّ السامع لمّا يُتلى عليه كأنّه يطلع إلى الجنّة فينظر إلى بهجتها وإلى ما أعدّ اللَّه تعالى للمؤمنين فيها۵ . انتهى .
1.كامل الزيارات ، ص ۱۶ ؛ الكافي ، ج ۴ ، ص ۵۵۳ ، باب المنبر والروضة... ، ح۱ ؛ معاني الأخبار ، ص ۲۶۷ ، ح ۱ ؛ مصباح المتهجّد ، ص ۷۱۰ ، بحار الأنوار ، ج ۹۷ ، ص ۱۴۶ ، ح۱ . وفي معظمها : «ما بين بيتي ومنبري...» .
2.النهاية لابن الأثير ، ج۱ ، ص۱۸۷ (ترع) .
3.في المصدر : « ديابيج الثياب » .
4.المنقول في بحار الأنوار والنسخ الخطية : « لأنّ كلامه يهدي إلى الجنّة » .
5.بحار الأنوار ، ج ۹۷ ، ص ۱۵۱ - ۱۵۳ نقلاً عن الكفعمي في حواشيه على البلد الأمين .