33
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

تبصرة [ الكلام في إسناد الإضلال إلى اللَّه تعالى ]

اعلم أنّ مسألة إسناد الإضلال وما يجري مجراه إلى اللَّه تعالى في هذه الآية وفي قوله : « فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَآءُ وَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ »۱ وغيرهما قد صارت معارك للآراء ومصارع للأهواء ، سيّما بين الأشاعرة والعدليّة .
وتحقيق الكلام : إنّ أهل اللغة قد ذكروا أنّ همزة الإفعال قد تجي‏ء لتعدية غير المتعدّي ، كما في : خرج وأخرج ، وقد تجي‏ء بعكس ذلك فينقل المتعدّي إلى غير المتعدّي ، كما في : كببته فأكبّ ، وقد تجي‏ء لمجرّد الوجدان ، تقول : أتيت أرض فلان فأعمرتها ، أي وجدتها عامرة .
وإذا ثبت هذا فقولنا : « أضلّه اللَّه » لا يمكن حمله إلّا على وجهين : أحدهما : صيّره ضالّاً ، والثاني : أنّه وجده ضالّاً ، فعلى الأوّل إمّا أن يراد به صيّره ضالّاً عن الدين ، أو صيّره ضالّاً عن الجنّة .
ثمّ إنّ معنى الإضلال عن الدين في عرف اللغة عبارة عن الدعاء إلى ترك الدين وتقبيحه في عينه ، أو إيقاع الوسوسة في قلبه ، وهذا هو الإضلال الذي أضافه اللَّه إلى الشيطان ، فقال : « إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ »۲ ، وقال حكاية عنه : « وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ »۳ ، وقال : « وَ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِ‏ّ وَ الْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا »۴ إلى غير ذلك من الآيات التي أضاف اللَّه فيها الإضلال إلى إبليس ، وأضاف الإضلال إلى فرعون وغيره أيضاً كما في قوله : « وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ مَا هَدَى‏ »۵ ، وقوله : « وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِىُّ »۶ .
ثمّ إنّ الإجماع متحقّق من هذه الاُمّة بل الاُمم كلّها على أنّ الإضلال بهذا المعنى لا يجوز على اللَّه ؛ لأنّه تعالى ما دعا أحداً إلى الكفر ، بل نهى عنه وزجر وتوعّد بالعقاب عليه ، كما أنّه رغّب في الهداية ، وأمر بالهدى ووعد بالثواب ، وعند هذا افتقر أهل الجبر والقدر إلى التأويل وفتحوا باب التصرّف في الأقاويل :
أمّا الجبريّة والأشاعرة فلعدم التزامهم قاعدة التحسين والتقبيح العقليّين ، وعدم محافظتهم على القوانين العقليّة ، وعزلهم العقل عن منصب الحكومة حملوا الإضلال المنسوب إليه تعالى على كونه خالق الضلال والكفر فيهم ، فصدّهم عن الإيمان وحال بينهم وبينه .
وربّما قالوا : هذا هو حقيقة اللفظ بحسب اللغة ؛ لأنّ الإضلال عبارة عن جعل الشي‏ء ضالّاً ، كما أنّ الإخراج والإدخال عبارتان عن جعل الشي‏ء خارجاً وداخلاً .
وردّهم العدليّة بأنّ هذا التأويل غير جائز لغةً وعقلاً ؛ أمّا اللغة فلوجوه :
أحدها : أنّه لا يقال لمن منع غيره عن سلوك الطريق جبراً : إنّه أضلّه ، بل يقال : صرفه ومنعه ، وإنّما يقال : أضلّه إذا أغواه ولبّس عليه .
وثانيها : أنّه وصف إبليس وفرعون وغيرهما بالإضلال ، وهم ما كانوا خالقين للضلال في قلب أحد بالاتّفاق ، مع أنّ إطلاق لفظ المضلّ عليهم على سبيل الحقيقة اللغويّة دون المجاز .
وثالثها : أنّ الإضلال في مقابل الهداية ، كما صحّ أن يقال : هديته فما اهتدى ، وجب صحّة أن يقال : أضللته فما أضلّ‏۷ ، وإذا كان كذلك استحال حمل الإضلال على خلق الضلال .
ثمّ استدلّوا مع ذلك بأدلّة عقليّة :
أوّلها : أنّه تعالى لو خلق الضلال في العبد ثمّ كلّفه بالإيمان لكان قد كلّفه بالجمع بين الضدّين ، وذلك سفه وظلم ، وهما محالان .
ثانيها : أنّه لو كان تعالى خالقاً للجهل وملبّساً على المكلّفين لما كان مبيّناً لما كلّف به العبد ، والإجماع محقّق على كونه تعالى مبيّناً .
ثالثها : أنّه لو كان كذلك لم يكن لإنزال الكتب وبعثة الرسل فائدة ، بل كان عبثاً وسفهاً .
رابعها : أنّه يضادّ كثيراً من الآيات كقوله تعالى : « فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ »۸ ، وقوله تعالى : « وَ مَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَى‏ »۹ ، وقوله تعالى : « أَنَّى‏ يُصْرَفُونَ »۱۰ ، « أَنَّى‏ يُؤْفَكُونَ »۱۱ .
خامسها : أنّه تعالى ذمّ إبليس وحزبه ومن سلك سبيله في الإضلال والإغواء وأمر بالاستعاذة منهم بقوله : « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِ‏ّ النَّاسِ . . . مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ »۱۲ ، وقوله : « وَ قُل رَّبِ‏ّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَ تِ الشَّيَطِينِ »۱۳ ، « فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ »۱۴ ، فلو كان اللَّه فاعل الضلال لوجبت الاستعاذة منه كما وجبت منهم ، ولاستحقّ المذمّة كما استحقّوا ، ولوجب أن يتّخذوه عدوّاً كما وجب اتّخاذ إبليس عدوّاً ، بل تكون حصّته تعالى في جميع ذلك أكثر ، فإنّه المؤثّر في الضلال ، بل يلزم تنزيه إبليس عن هذه القبايح كلّها وإحالتها على اللَّه ، فيكون الذنب منقطعاً عنه بالكلّيّة وعائداً إلى اللَّه ، تعالى عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً .
سادسها : أنّه تعالى أضاف الإضلال عن الدين إلى غيره وذمّهم لأجله ، فقال : « وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ مَا هَدَى‏ »۱۵ ، « وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِىُّ »۱۶ ، « إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ »۱۷ ، وهكذا في كثير من الآيات ، فإن كان المضلّ الحقيقيّ أو المشارك القويّ في الإضلال هو اللَّه فكيف ذمّهم عليه ؟!
سابعها : أنّه تعالى يذكر هذا الضلال جزاءاً لهم على سوء صنيعهم ، وعقوبة عليه ، فلو كان المراد به ما هم عليه من الضلال لكان ذلك تهديداً لهم بشي‏ء هم عليه مقبلون وبه ملتذّذون ، ولو جاز ذلك لجازت العقوبة بالزنا على الزنا ، وبشرب الخمر على شرب الخمر ، وهذا غير جائز .
ثامنها : أنّ قوله : « وَ مَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَقِهِ »۱۸صريح في أنّ هذا الإضلال فعل بهم بعد فسقهم ونقضهم عهد اللَّه باختيار أنفسهم ، فيكون مغايراً لفسقهم وكفرهم .
تاسعها : أنّه تعالى ذكر أكثر الآيات التي فيها ذكر الضلال منسوباً إلى العصاة الضُّلّال على ما قال : « وَ مَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَسِقِينَ » ، « يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ »۱۹ ، فلو كان المراد بالضلال المضاف هو ما هم فيه كان ذلك إثباتاً للثابت وهو محال‏۲۰ .
قالوا : فوجب المصير إلى وجوه اُخرى من التأويل :
الأوّل : أنّ الرجل إذا ضلّ باختياره عند حضور شي‏ء من غير أن يكون لذلك الشي‏ء أثر في ضلاله فيقال لذلك الشي‏ء : إنّه أضلّه ، قال تعالى في حقّ الأصنام : « رَبِ‏ّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ »۲۱ ، أي ضلّوا بهنّ ، وقال : « وَ لَا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْرًا * وَ قَدْ أَضَلُّواْ كَثِيرًا »۲۲ ، أي ضلّ بهم كثير من الناس ، وكذلك قوله : « فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآءِى إِلَّا فِرَارًا »۲۳ ، وقوله : « َ أَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى‏ رِجْسِهِمْ »۲۴ ، فالإضلال بهذا المعنى يجوز أن ينسب إلى اللَّه تعالى ، على معنى أنّ الكافرين ضلّوا بسبب الآيات المشتملة على الامتحانات .
الثاني : أنّ الإضلال هو التسمية بالإضلال ، فيقال : أضلّه ، أي سمّاه ضالّاً وحكم عليه به ، وأكفر فلاناً إذا سمّاه كافراً ، قال الكميت الأسديّ رحمة اللَّه عليه :
وطائفة قد أكفروني بحبّكم‏وطائفة قالوا مسي‏ء ومذنب‏
وقال طرفة :
وما زال شربي الراح حتّى أضلّني‏صديقي وحتّى سائني بعض ذلكا
أراد : سمّاني ضالّاً .
الثالث : أن يكون الإضلال هو التخلية وترك المنع بالقهر والجبر ، فيقال : أضلّه ، أي خلّاه وضلاله ، كما يقال : أضلّ فلان ابنه ، إذا لم يتعاهده بالتأديب .
الرابع : أنّ الضلال والإضلال هو العقاب والتعذيب بدليل قوله تعالى : « إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَلٍ وَ سُعُرٍ »۲۵ .
الخامس : أن يحمل الإضلال على الهلاك والإبطال كقوله تعالى : « الَّذِينَ كَفَرُواْ وَ صَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَلَهُمْ »۲۶ ، قيل : أهلكها وأبطلها ، من قولهم : ضلّ الماء في اللبن ، إذا صار مستهلكاً فيه . وقوله تعالى : « وَ قَالُواْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الْأَرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدِ »۲۷ .
السادس : أن يحمل الإضلال على الإضلال عن الجنّة .
السابع : أن تحمل الهمزة لا على التعدية بل على الوجدان كما مرّ ابتداءً۲۸ .
والجبريّة في هذا المقام قالوا مداراة بلسان الحال : لقد سمعنا كلامكم واعترفنا لكم بجودة الإيراد وحسن الترتيب وقوّة الكلام ، ولكن لكم أعداء ثلاثة يشوّشون عليكم هذه الوجوه الحسنة :
أحدهم : مسألة الداعي ، وهي أنّ القادر المختار على العلم والجهل والاهتداء والضلال لِمَ فَعَلَ أحدهما ولم يفعل الآخر ؟
ثانيهم : مسألة العلم ، وهي أنّ خلاف ما علمه اللَّه في الأزل محال ، فكما اعترفنا لكم بقوّة الذكاء وحسن الكلام فأنصِفوا .
وثالثهم : أنّ فعل العبد لو كان باختياره لما حصل إلّا الذي أحبّه وأراده ، فكلّ أحد لا يريد إلّا تحصيل العلم والاهتداء ويحترز كلّ الاحتراز عن الجهل والضلال مع أنّه قد يحصل على خلاف ما قرّره وأراده‏۲۹ .۳۰
هذا وقد تقدّم الجواب عن هذه الشبهة مفصّلاً ولا نعيده ، فراجعه إن شئت‏۳۱ .

1.إبراهيم ( ۱۴ ) : ۴ .

2.القصص ( ۲۸ ) : ۱۵ .

3.النساء ( ۴ ) : ۱۱۹ .

4.فصّلت ( ۴۱ ) : ۲۹ .

5.طه ( ۲۰ ) : ۷۹ .

6.طه ( ۲۰ ) : ۸۵ .

7.في الأصل : « هديته فاهتدى . . . أضللته فأضلّ » وما اُثبت من المصدر .

8.المدّثّر ( ۷۴ ) : ۴۹ .

9.الإسراء ( ۱۷ ) : ۹۴ .

10.غافر ( ۴۰ ) : ۶۹ .

11.المائدة ( ۵ ) : ۷۵ و ... .

12.الناس ( ۱۱۴ ) : ۱ و۴ .

13.المؤمنون ( ۲۳ ) : ۹۷ .

14.النحل ( ۱۶ ) : ۹۸ .

15.طه( ۲۰ ) : ۸۵ .

16.ص( ۳۸ ) : ۲۶ .

17.. البقرة ( ۲ ) : ۲۶ - ۲۷ .

18.غافر ( ۴۰ ) : ۳۴ .

19.قال صدر المتألّهين بعد ذكر هذه الوجوه : فهذه هي الوجوه التي ذكرها صاحب التفسير الكبير عنهم ( تفسير الفخر الرازي ، ج ۱ ، ص ۳۵۶ ) ولم يجب عنها مع كونه أشعريّ المذهب بعيداً عن الاعتزال . ثمّ أجاب هو عن هذه الأدلّة بالإجمال والتفصيل . راجع : تفسير القرآن الكريم لصدر الدين الشيرازي ، ج ۲ ، ص ۲۲۱ - ۲۲۳ .

20.إبراهيم ( ۱۴ ) : ۳۶ .

21.نوح ( ۷۱ ) : ۲۳ - ۲۴ .

22.نوح ( ۷۱ ) : ۶ .

23.التوبة ( ۹ ) : ۱۲۵ .

24.القمر ( ۵۴ ) : ۴۷ .

25.محمّد صلى اللَّه عليه وآله ( ۴۷ ) : ۱ .

26.السجدة ( ۳۲ ) : ۱۰ .

27.نقل صدر الدين الشيرازي هذه الوجوه عن الفخر الرازي في تفسيره ، ج ۱ ، ص ۳۵۸ ملخّصاً .

28.وإلى هذا المعنى أشار بشّار بن برد بقوله : طبعت على ما فيّ غير مخيّر ولو أنّني خُيّرت كنت المهذّبا

29.راجع : تفسير القرآن الكريم لصدر الدين الشيرازي ، ج ۲ ص ۲۱۷ - ۲۲۷ .

30.راجع الحديث ۲۱ من الجزء الأوّل .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
32

الحديث السابع والعشرون والمائة

[معنى الهداية والإضلال‏]

۰.ما رويناه بالأسانيد السابقة عن ثقة الإسلام في الكافي ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالحميد بن أبي العلا ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : « إنّ اللَّه عزّ وجلّ إذا أراد بعبدٍ خيراً نكت في قلبه نكتة من نور ، فأضاء لها سمعه وقلبه حتّى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم ، وإذا أراد بعبدٍ سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء فأظلم لها سمعه وقلبه » ، ثمّ تلا هذه الآية : « فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَآءِ »۱ .۲

بيان‏

انطباق هذا الخبر على قواعد الإماميّة يقتضي تأويله ، فيقال : المعنى أنّ اللَّه عزّوجلّ إذا أراد اللَّه بعبدٍ خيراً لصفاء قلبه وميله إليه أو علم منه ذلك نكت في قلبه نكتة من نور العلم والإيمان ، واللطف والتوفيق ، والفيض والهداية ، فأضاء لها - أي لأجل تلك النكتة النورانيّة - سمعه وقلبه وسائر أعضائه ، فيهتدي كلّ عضو إلى ما هو مطلوب منه ، ويتوجّه إليه ، ويعرض عن غيره حتّى يكون حرصه على الإيمان والولاية أشدّ من حرصكم عليهما .
وإذا أراد اللَّه بعبدٍ سوءاً لميله إلى الباطل وإبطاله لاستعداده الفطريّ أو علم منه السوء باختياره نكت في قلبه نكتة سوداء ، هي نكتة الجهل والكفر والخذلان الذي هو سلب اللطف والتوفيق ، فأظلم لها سمعه وقلبه فلا يسمع الحقّ ولا يعقل الخير ، وهو الختم المانع من إدراك الخير ، ثمّ تلا هذه الآية استشهاداً لما ذكر : « فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَمِ » أي فمن يرد اللَّه أن يهديه إلى طريق الجنّة في الآخرة والى الخيرات في الدنيا - لميله إليها - يشرح صدره للإسلام ويوسّعه لقبول أحكامه ومعارفه حتّى يتأكّد عزمه عليها ويقوى الداعي على التمسّك بها ، وذلك لطف من اللَّه تعالى عليه .
ومَن يرد أن يضلّه عن طريق الجنّة إلى طريق النار وعن سبيل الخيرات إلى الشرور ، لإبطال استعداده الفطريّ بسلب لطفه عنه يجعل صدره حرجاً ، لانقباضه بقبض الكفر والعصيان ، وتقييده بقيد الظلمة والطغيان ، فهو في قبول الإيمان ولوازمه كأنّما يصّعّد في السماء ، فيمتنع من دخول الإيمان في قلبه كما يمتنع الصعود في السماء .

1.الأنعام ( ۶ ) : ۱۲۵ .

2.الكافي ، ج‏۲ ، ص‏۲۱۴ ، باب في ترك دعاء الناس ، ح‏۶ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج‏۶۵ ، ص‏۲۱۰ ، ح‏۱۶ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10683
صفحه از 719
پرینت  ارسال به