الحديث السابع والأربعون والمائتان
[من عبد اللَّه بالتوهّم فقد كفر]
۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : « مَن عبد اللَّه بالتوهّم فقد كفر ، ومَن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ، ومَن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك ، ومَن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه ، فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سرّ أمره وعلانيته ، فاُولئك أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام حقّاً » . وفي حديث آخر : « اُولئك هم المؤمنون حقّاً »۱ .
بيان
قال المحدّث الكاشاني في الصافي :
الاسم : ما يدلّ على المسمّى ويكون علامة لفهمه ، ومنه ما يعتبر فيه صفة تكون في المسمّى ، وبذلك الاعتبار يطلق عليه ، ومنه ما لا يعتبر فيه ذلك ، فالأوّل يدلّ على الذات الموصوفة بصفة معيّنة كلفظ : الرحمان ، فإنّه يدلّ على ذات متّصفة بالرحمة ، ولفظ : القهّار ، فإنّه يدلّ على ذات لها القهر ، إلى غير ذلك ، وقد يطلق الاسم بهذا المعنى على مظهر صفة الذات باعتبار اتّصافه بالصفة ، كالنبيّ الذي هو مظهر هداية اللَّه سبحانه ، فإنّه اسم اللَّه الهادي لعباده ، والأسماء الملفوظة بهذا الاعتبار هي أسماء الأسماء .
وسُئل مولانا الرضا عليه السلام عن الاسم ما هو ؟ قال : « صفة لموصوف » .
وهذا اللفظ يحتمل معنيين : اللفظ والمظهر ، وإن كان في المظهر أظهر .
وقد يطلق الاسم على ما يفهم من اللفظ ، أي : المعنى الذهني ، وعليه ورد قول الصادق عليه السلام : « من عَبَد » ، إلى آخر الرواية السابقة ، فإنّ المراد بالاسم ههنا ما يفهم من اللفظ لا اللفظ ، فإنّ اللفظ لا يعبد ، وبالمعنى ما يصدق عليه اللفظ ، فالاسم معنى ذهني ، والمعنى وجود عيني ، وهو المسمّى ، والاسم غير المسمّى ؛ لأنّ الإنسان - مثلاً - في الذهن ليس بإنسان ولا له جسميّة ولا حياة ولا حسٌّ ولا حركة ولا نطق ولا شيء من خواصّ الإنسانيّة .
إذا تمهّد هذا فاعلم أنّ لكلّ اسم من الأسماء الإلهيّة مظهراً من الموجودات باعتبار غلبة ظهور الصفة التي اشتمل عليها ذلك الاسم ، وهو اسم اللَّه باعتبار دلالته على اللَّه من جهة اتّصافه بتلك الصفة ، وذلك لأنّ اللَّه تعالى إنّما يخلق ويدبّر كلّ نوع من أنواع الخلائق باسم من أسمائه ، وذلك الاسم هو ربّ ذلك النوع ، واللَّه سبحانه ربّ الأرباب ، وإلى هذا اُشير في كلام أهل البيت في أدعيتهم بقولهم : وبالاسم الذي خلقت به الكرسي ، وبالاسم الذي خلقت به العرش ، وبالاسم الذي خلقت به الأرواح ، إلى غير ذلك من هذا النمط .
وعن مولانا الصادق عليه السلام : « نحن واللَّه الأسماء الحسنى التي لا يقبل اللَّه من العباد عملاً إلّا بمعرفتنا ، وذلك لأنّهم وسائل معرفة ذاته ، ووسائط ظهور صفاته ،وأرباب أنواع مخلوقاته ، ولا يحصل لأحد العلم بالأسماء كلّها ، إلّا إذا كان مظهراً لها كلّها ، إلّا إذا كان في جبلّته استعداد قبول ذلك كلّه ، وهو ما ذكرناه ، فافهم۲» . انتهى .