الحديث الخامس والأربعون والمائتان
[نزل القرآن على أربعة أرباع]
۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام في الكافي والعيّاشيّ في تفسيره بإسنادهما عن أبي جعفر عليه السلام قال : « نزل القرآن على أربعة أرباع : رُبعٌ فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سُننٌ وأمثال ، وربع فرائض وأحكام » ، وزاد العيّاشيّ : « ولنا كرائم القرآن »۱ .
بيان
هذا الحديث الشريف فيه مخالفة لما اشتهر بين الأصحاب وصرّحوا به من أنّ الآيات التي يستنبط منها الأحكام الشرعيّة خمسمائة آية تقريباً ، ولما ذهب إليه أكثر القرّاء من أنّ سور القرآن بأسرها مائة وأربعة عشر سورة ، وإلى أنّ آياته ستّة آلاف وستّمائة وستّة وستّون آية ، وإلى أنّ كلماته سبع وسبعون ألف وأربعمائة وسبع وثلاثون كلمة ، وإلى أنّ حروفه ثلاثمائة ألف واثنان وعشرون ألف وستّمائة وسبعون حرفاً ، وإلى أنّ فتحاته ثلاث وتسعون ألف ومائتان وثلاث وأربعون فتحة ، وإلى أنّ ضمّاته أربعون ألف وثمانمائة وأربع ضمّات ، وإلى أنّ كسراته تسع وثلاثون ألفاً وخمسمائة وستّة وثمانون كسرة ، وإلى أنّ تشديداته تسعة عشر ألف ومائتان وثلاث وخمسون تشديدة ، وإلى أنّ مَدّاته ألف وسبعمائة وإحدى وسبعون مدّة .
وأيضاً يخالف ما روياه بإسنادهما عن الأصبغ بن نُباتة ، قال : سمعت أميرالمؤمنين يقول : « نزل القرآن أثلاثاً : ثُلث فينا وفي عدوّنا ، وثُلث سنن وأمثال ، وثُلث فرائض وأحكام »۲ .
وما رواه العيّاشيّ بإسناده عن خثيمة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « القرآن نزل أثلاثاً : ثلث فينا وفي أحبّائنا ، وثلث في أعدائنا وعدوّ من كان قبلنا ، وثلث سنّة ومَثَل ،ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثمّ مات اُولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء ، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السماوات والأرض ، ولكلّ قوم آية يتلونها من خير أو شرّ »۳ .
ويمكن رفع التنافي بالنسبة إلى الاُولى بأنّ القرآن الذي اُنزل على النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أكثر ممّا في أيدينا اليوم ، وقد اُسقط منه شيء كثير كما دلّت عليه الأخبار المتظافرة التي كادت أن تكون متواترة ، وقد أوضحنا ذلك في كتاب منية المحصّلين في حقّيّة طريقة المجتهدين .
وبالنسبة إلى الثاني بأنّ بناء هذا التقسيم ليس على التسوية الحقيقيّة ، ولا على التفريق من جميع الوجوه ، فلا بأس باختلافه بالتثليث والتربيع ، ولا بزيادة بعض الأقسام على الثلث والربع أو نقص عنهما ، ولا دخول بعضها في بعض ، واللَّه العالم .
1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۶۲۸ ، باب النوادر ، ح۴ ؛ تفسير العيّاشيّ ، ج ۱ ، ص ۹ ، ح۱ ؛ وعن تفسير العياشي في بحار الأنوار ، ج ۸۹ ، ۱۱۴، ح۱ .
2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۶۲۷ ، باب النوادر ، ح ۲ ؛ تفسير العيّاشي ، ج ۱ ، ص ۹ ، ح ۳ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸۹ ، ص ۱۱۴ ، ح۲ .
3.تفسير العيّاشي ، ج ۱ ، ص ۱۰ ، ح ۷ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸۹ ، ص ۱۱۵ ، ح ۴ .