بيان :
الظاهر أنّ المراد بأهل بيت من العرب في هذه الأخبار : هم عليهم السلام ، وكذا قوله : أهل بيت من قريش ، والمراد بالمعرفة : المعرفة الكاملة .
ومنها : ما رواه عن الكتاب المذكور أيضاً عن محمّد وهارون ابني أبي سهل ، أنّهما كتبا إلى أبي عبداللَّه عليه السلام : إنّ أبانا وجدّنا كانا ينظران في علم النجوم ، فهل يحلّ النظر فيه ؟ فكتب عليه السلام : « نعم »۱ .
ومنها : ما رواه فيه أيضاً أنّهما كتبا إليه عليه السلام : نحن ولد نوبخت المنجّم ، وقد كنّا كتبنا إليك : هل يحلّ النظر في علم النجوم ؟ فكتبت : نعم ، والمنجّمون يختلفون في صفة الفلك ، فبعضهم يقول : إنّ الفلك فيه النجوم ، والشمس والقمر معلّق بالسماء ، وهو دون السماء ، وهو الذي يدور بالنجوم والشمس والقمر ، فإنّها لا تتحرّك ولا تدور ، وبعضهم يقول : إنّ دوران الفلك تحت الأرض ، وإنّ الشمس تدور مع الفلك تحت الأرض ، فتغيب في المغرب تحت الأرض وتطلع من الغداة من المشرق ، فكتب عليه السلام : « نعم يحلّ ما لم يُخرج من التوحيد »۲ .
وفيه دلالة على جواز النظر في النجوم والهيئة ما لم يخل بالتوحيد . ويؤيّده قوله تعالى : « وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَوَ تِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَطِلاً »۳ .
ومنها : ما رواه السيّد عن الكتاب المذكور بإسناده عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : « فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ »۴ قال : « كان القمر منحوساً بزحل »۵ .
وفيه دلالة على نحوسة بعض الكواكب وأوضاعها .
ومنها : ما رواه السيّد عن كتاب التواقيع للحميري عن أحمد بن محمّد بن عيسى بإسناده ، قال : كتب مصقلة بن إسحاق إلى عليّ بن جعفر رقعة يعلمه فيها أنّ المنجّم كتب ميلاده ووقّت عمره وقتاً ، وقد قارب ذلك الوقت وخاف على نفسه ، فأوصل عليّ بن جعفر رقعته إلى الكاظم عليه السلام فكتب إليه رقعة طويلة أمره فيها بالصوم والصلة والبرّ والصدقة والاستغفار ، وكتب في آخرها : « فلقد - واللَّه - ساءني أمره فوق ما أصف ، وأنا أرجوا أن يزيد اللَّه في عمره ويبطل قول المنجّم ، فما أطلعه اللَّه على الغيب ، والحمد للَّه۶ .
وفيه دلالة على أنّه لو كان له أصل فإنّه يندفع بأفعال البرّ .
ومنها : ما روي عن محمّد بن شهرآشوب في المناقب مرسلاً عن أبي بصير ، قال : رأيت رجلاً يسأل أبا عبداللَّه عليه السلام عن النجوم فلمّا خرج من عنده قلت له : هذا علم له أصل ؟ قال : « نعم » ، قلت : حدّثني عنه ، قال : « اُحدّثك عنه بالسعد ولا اُحدّثك عنه بالنحس ، إنّ اللَّه عزّ وجلّ اسمه فرض صلاة الفجر لأوّل ساعة ، فهو فرض وهي سعد ، وفرض الظهر لسبع ساعات ، وهو فرض وهي سعد ، وجعل العصر لتسع ساعات ، وهو فرض وهي سعد ، والمغرب لأوّل ساعة من الليل ، وهي فرض وهو سعد ، وجعل العتمة لثلاث ساعات ، وهو فرض وهي سعد »۷ .
وفيه دلالة على أنّ أصل النجوم حقّ ، وأنّه ينبغي معرفة ما يعلم به أوقات الفرائض منه .
ومنها : ما رواه الصدوق في الفقيه عن ابن أبي عمير في الصحيح أنّه قال : كنت أنظر في النجوم وأعرفها فتصدق عليَّ ، وأعرف الطالع فيدخلني من ذلك شيء فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فقال : « إذا وقع في نفسك شيء فتصدّق على أوّل مسكين ثمّ امض ، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ يدفع عنك »۸ .
ورواه البرقيّ في المحاسن۹ أيضاً . وفيه دلالة على أنّ لها تأثيراً يندفع بالصدقة .
1.المصدر ، ص ۱۰۰ ، ح ۱۹ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵۵ ، ص ۲۵۰ ، ح ۳۵ .
2.المصدر ، ص ۱۰۰ ، ح ۲۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵۵ ، ص ۲۵۰ ، ح ۳۶ .
3.آل عمران ( ۳ ) : ۱۹۱ .
4.القمر ( ۵۴ ) : ۱۹ .
5.فرج المهموم ، ص ۱۰۰ - ۱۰۱ ، ح ۲۱ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۵۵ ، ص ۲۵۱ ، ح ۳۷ .
6.المصدر ، ص۱۱۴ - ۱۱۵ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج۵۵ ، ص۲۵۵ مع اختلاف وتفاوت فيهما معاً .
7.المناقب ، ج ۴ ، ص ۲۶۵ ؛ فرج المهموم ، ص ۲۱۴ - ۲۱۵ .
8.من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۲۶۹ ، ح ۲۴۰۸ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۶ ، ح ۱۵۰۵۳ .
9.المحاسن ، ج ۲ ، ص ۳۴۹ ، ح ۲۶ .