الحديث الخامس والثلاثون والمائتان
[أعبد الناس من أقام الفرائض . . .]
۰.ما رويناه عن الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه السلام قال : « الاشتهار بالعبادة ريبة » ، ثمّ قال : « إنّ أبي حدّثني عن أبيه عن جدّه أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قال : أعبدُ الناس من أقام الفرائض ، وأسخى الناس من أدّى زكاة ماله ، وأزهدُ الناس من اجتنب الحرام »۱ .
بيان
قال المحدّث الكاشاني :
لعلّ المراد باشتهار العبادة أن يعرف الرجل بكونه عابداً ويشتهر بإكثاره منها ، والمراد بكونه ريبة أنّه يريب في أن تكون فريضته خالصة للَّه ؛ لأنّ ما كان للَّه ينبغي أن يكون خافياً كما روي : « أنّ إخفاء العمل أشدّ من العمل ، اللهمّ إلّا أن لا يكون له مدخل في الاشتهار أو أنّه شَهرَه اللَّه ، وحينئذٍ لا تضرّه الريبة ، وكأنّ الغرض من الحديث : الترغيب في الإخفاء والسعي في عدم الاشتهار بكثرة العبادة ، ولهذا عقّبه بقوله : « أعبدُ الناس من أقام الفرائض » ، يعني من يسعى في أن لا تشذّ عنه فريضة لم يقمها ، فإنّه أشدّ من الإتيان بالنوافل ، ولعلّ مَن يأتي بكثير من النوافل يفوت عنه كثير من الفرائض ، وهو لا يشعر به . وكذا القول في أخواته ، وحاصل الحديث بأوائل فقراته : أنّ تصفية العمل من الشوائب والإخلاص فيه وإن قلّ خير من إكثاره۲ .