الحديث الحادي والثلاثون والمائتان
[ما آتى اللَّه نبياً شيئاً إلّا وآتى محمّداً مثله وزاده]
۰.ما رويناه عنه أيضاً عن بعض أصحابنا ، قال : أولم أبوالحسن موسى عليه السلام وليمةً لبعض ولده ، فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيّام الفالوذجات۱ في الجفان في المساجد والأزقّة ، فعابه بذلك بعض أهل المدينة ، فبلغه ذلك فقال : « ما آتى اللَّه تعالى نبيّاً من أنبيائه شيئاً إلّا وقد آتى محمّداً صلى اللَّه عليه وآله مثله وزاده ما لم يؤتهم ، قال لسليمان عليه السلام : « هذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ »۲ وقال لمحمّد صلى اللَّه عليه وآله : « مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا »۳ »۴ .
بيان
الجَفنة - بالجيم والفاء - : القصعة .
وقوله : ( ما آتى اللَّه ) لا يخلو من خفاء ، ويمكن توجيهه بأنّ المراد كما أنّه تعالى أعطى سليمان عليه السلام التوسعة والتخيير في إعطاء ما أنعم اللَّه عليه وإمساكه ، كذلك أعطى محمّداً التوسعة والتخيير في أن يأمر بما شاء وينهى عمّا شاء ، وإن كان كلّ منهما إنّما يفعل ما يفعل بوحي اللَّه وإلهامه ، فإنّه لا ينافي ذلك لموافقة إرادتهما إرادة اللَّه تعالى في كلّ شيء .
وأيضاً فإنّ الوحي بالأمر الكلّي وحيٌ بكلّ جزء منه .
ثمّ إنّ إطعامه على النحو المذكور ليس ممّا نهى عنه النبيّ صلى اللَّه عليه وآله فيكون مباحاً ، أو هو من جملة ما آتاه فيكون سنّة ، فلا عيب فيه .
ويحتمل أن يكون المراد : يجب عليكم متابعتنا والأخذ بأوامرنا ونواهينا كما يجب عليكم متابعة النبيّ صلى اللَّه عليه وآله والأخذ بأوامره ونواهيه ، وليس لكم أن تعيبوا علينا أفعالنا لأنّا أوصياؤه ونوّابه وإرادتنا مستهلكة في إرادة اللَّه تعالى كإرادته ، وإنّما أبهم ذلك وأجمله لمكان التقيّة . كذا ذكر المحدّث الكاشاني۵ .
1.هو ما يصنع من السمن والعسل ، ثمّ يغلى على النار ، ثمّ يضاف إليه مخّ الحنطة ( ش ) .
2.ص ( ۳۸ ) : ۳۹ .
3.الحشر ( ۵۹ ) : ۷ .
4.الكافي ، ج ۶ ، ص ۲۸۱ ، باب الولائم ، ح۱ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۴۸ ، ص ۱۱۰ ، ح۱۲ .
5.الوافي ، ج ۲۰ ، ص ۵۲۷ - ۵۲۸ ، ذيل ح ۱۹۹۴۳ - ۱ .