الحديث التاسع والعشرون والمائتان
[المؤمن يأكل في معاء واحد والكافر في سبعة أمعاء]
۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام عن عمرو بن شمر ، يرفعه ، قال : « قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في كلامٍ له : سيكون من بعدي سُنّة يأكل المؤمن في معاء واحد ويأكل الكافر في سبعة أمعاء »۱ .
بيان
هذا الحديث مروي من طريق الجمهور أيضاً بهذا اللفظ : « المؤمن يأكل في معاءٍ واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء » ، وفي رواية : « المنافق » بدل « الكافر »۲ .
وقد وجّه بوجوه :
الأوّل : أنّه مَثلٌ ؛ لأنّ المؤمن لا يأكل إلّا من الحلال ويتوقّى المحرّمات والشبهات ، والكافر لا يبالي ما أكل ومن أين أكل وكيف أكل .
الثاني : أنّه مثل ضرب للمؤمن وزهده في الدنيا ، وللكافر وحرصه عليها ، وليس معناه كثرة الأكل ، بل المراد أنّ المؤمن لزهده في الدنيا لا يتناول منها إلّا القليل ، والكافر لاتّساعه فيها وعدم قناعته لا يبالي من أين أكل ، ووصف الكافر بكثرة الأكل إغلاظ على المؤمن وتأكيد لما رسم له .
الثالث : أنّه تحضيض وتحامّ عمّا يجرّه الشبع من القسوة وطاعة الشهوة .
الرابع : أنّ المؤمن يسمّي فلا يشركه شيطان ، بخلاف الكافر .
الخامس : أنّه خاصّ فيمعيّن كان يأكل كثيراً ، فأسلم فقلَّ أكله ، فورد الحديث فيه .
السادس : أنّ الكافر يأكل سبعة أضعاف المؤمن .
السابع : أنّ شهوة الكافر سبعة أمثال شهوة المؤمن ، ويكون المعاء كناية عن الشهوة ؛ لأنّه يجذب الطعام ويطلبه .
الثامن : أنّ لكلّ إنسان سبعة أمعاء ، المعدة وثلاثة متّصلة بها رقاق ، ثمّ ثلاثة غلاظ ، والمؤمن لاقتصاده وتسميته يكتفي بملأ أحدها بخلاف الكافر . وبعض هذه الوجوه متداخل في بعض آخر۳ .
1.الكافي ج ۶ ، ص ۲۶۸ ، باب كراهة كثرة الأكل ، ح ۱ ، وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۲۴ ، ص ۲۳۹ - ۲۴۰ ، ح۳۰۴۳۳ .
2.سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۰۸۵ .
3.راجع : بحار الأنوار ، ج ۶۳ ، ص ۳۲۵ - ۳۲۹ .