الحديث السادس والعشرون والمائتان
[قطع الخبز بالسكين وأنّه اُدم]
۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام في الكافي بإسناده عن الصادق عليه السلام قال : « كان أميرالمؤمنين عليه السلام إذا لم يكن له أدم يقطع الخبز بالسكّين » .
وبإسناده عن الصادق عليه السلام أنّه قال : « أدنى الأدم قطع الخبز بالسكّين »۱ .
ووجه الإشكال في الخبرين من وجهين :
الأوّل : أنّ قطعه بالسكّين كيف يكون أدماً مع أنّ الاُدْم عبارة عمّا يؤكل مع الخبز ؟ قال في النهاية : الإدام - بالكسر - والاُدم - بالضمّ - : ما يؤكل مع الخبز ، أيّ شيء كان۲ .
الثاني : أنّه معارض بما رواه في الكافي أيضاً بإسناده عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : لا تقطعوا الخبز بالسكّين ولكن اكسروه باليد ، وليكسُر لكم ، خالفوا العجم »۳ ، وما رواه عن يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « لا تقطعوا الخبز بالسكّين ولكن اكسروه باليد ، خالفوا العجم »۴ .
والجواب عن الأوّل من وجوه :
الأوّل : أنّه لعلّ قطعه بالسكّين وأكله على هذه الهيئة يكون شبيهاً لأكله مع لا أدام ومنزّلاً منزلته ، ويفيد لذّة موهومة مرغوبة للنفس ومسكّنةً لها ومحرّكة لها على أكله والالتذاذ به ، فيكون الغرض منه مجرّد إبداء حيلة تنخدع بها النفس ، فتصير بذلك قانعة لما فيه من التشبيه بأكله مع الأدام .
الثاني : أن يكون القطع بالسكّين يفيده في الواقع صلاحاً ومناسبة للمزاج الإنساني كالأدام مع الخبز ، وتلك المناسبة غير معلومة لنا كما ورد أنّ الجبن داء لا دواء له ، والجوز داء لا دواء له ، فإذا اجتمعا صارا شفاءاً من كلّ داء۵ ، فيحتمل أن يكون نفوذ السكّين فيه وقطعه له من هذا القبيل ، فيصير بذلك شبيهاً بالخبز المأدوم في كونه لذيذاً مرغوباً للطبع ، ولا ينكر ذلك بعدم مطابقته للواقع ، فإنّ لآلات القطع والأواني مدخلاً عظيماً في تغيير أمزجة المأكول والمشروب وعدمه ، كما ذكره أهل الطبّ ، فلعلّ مجرّد إمرار السكّين في حالة القطع لها مدخليّة .
الثالث : أنّه لعلّهم كانوا يليّنون الخبز اليابس بالأدم كالزيت واللبن ونحوهما ، فإذا لم يجدوا أدماً قطعوه بالسكّين إلى حدّ لم يمكن كسره باليد إلى ذلك الحدّ ليسهل تناوله ، فيفعل فعل الأدم .
الرابع : أنّه لعلّهم كانوا يجدون في المقطوع لذّة لا يجدونها في المكسور .
أمّا الجواب عن الإشكال الثاني : فلعلّ خبري النهي عن القطع محمولان على غير الأكل ، كما إذا احتيج إلى كسره باليد ليباع أو يوهب مثلاً ، فيعدل عنه إلى القطع ، أو على كراهة في غير حال الضرورة ، كما إذا كان هناك أدام يصلحه فإنّ قطعه حينئذٍ مكروه ، للغناء عنه بالكسر والأدام ، مع ما فيه من نوع إهانة وترك الإكرام ، وقد ورد الأمر بإكرام الخبز۶ .
وقال المحدّث الكاشاني في الخبرين الأوّلين ما لفظه : كأنّه بالقطع يصير ألذّ طعماً فيفعل فعل الأدم ، ولعلّ هذا رخصة خصّت بحال الضرورة وفقدان الأدم۷ . انتهى .
1.الكافي ، ج۶ ، ص۳۰۳ ، باب فضل الخبز ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج۲۴ ، ص۳۹۲ ، ح۳۰۸۶۳ و۳۰۸۶۴ .
2.النهاية لابن الأثير ، ج ۱ ، ص ۳۵ ( أدم ) .
3.الكافي ، ج۶ ، ص۳۰۴ ، باب فضل الخبز ، ح۱۳ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج۲۴ ، ص۳۹۳ ، ح۳۰۸۶۵ .
4.الكافي ، ج۶ ، ص۳۰۴ ، باب فضل الخبز ، ح۱۴ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج۲۴ ، ص۳۹۲ ، ح۳۰۸۶۱ .
5.بحار الأنوار ، ج ۵۹ ، ص ۲۹۴ مع تفاوت .
6.بحار الأنوار ، ج ۵۹ ، ص ۲۹۲ .
7.الوافي ، ج ۱۹ ، ص ۲۷۲ ، ذيل ح ۱۹۳۸۳ - ۱۶ .