255
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

الحديث السادس عشر والمائتان‏

[الإختلاف بين عمري وعقيلي‏]

۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام في روضة الكافي عن العدّة ، عن سهل ، عن أحمد ابن هلال ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : تعرّض رجل من ولد عمر بن الخطّاب بجارية رجل عقيليّ ، فقالت له : إنّ هذا العمريّ قد آذاني ، فقال لها : عِديه وأدخليه الدهليز ، فأدخلته فشدّ عليه وقتله ، وألقاه في الطريق ، فاجتمع البكريّون ، والعمريّون ، والعثمانيّون ، وقالوا : ما لصاحبنا كفؤٌ أن يقتل‏۱ به إلّا جعفر بن محمّد ، وما قتل صاحبنا غيره ، وكان أبو عبداللَّه عليه السلام قد مضى نحو قُبا ، فلقيته بما اجتمع عليه القوم ، فقال : « دعهم » ، فلمّا جاء ورأوه وثبوا عليه وقالوا : ما قتل صاحبنا أحد غيرك ، ولا نقتل به أحداً غيرك ، فقال : « ليكلّمني منكم جماعة » ، فاعتزل قوم منهم فأخذ بأيديهم وأدخلهم المسجد ، فخرجوا وهم يقولون : شيخنا أبو عبداللَّه جعفر ابن محمّد معاذ اللَّه أن يكون مثله يفعل هذا ، ولا يأمر به ، فانصرفوا .
قال : فمضيت معه ، فقلت : جعلت فداك ، ما كان أقرب رضاهم من سخطهم ! قال : « نعم ، دعوتهم فقلت : امسكوا وإلّا أخرجت الصحيفة » . فقلت : ما هذه الصحيفة جعلني اللَّه فداك ؟ فقال : « إنّ اُمّ الخطّاب كانت أمة للزبير بن عبدالمطّلب ، فشطر بها نفيل فأحبلها ، فطلبه الزبير فخرج هارباً إلى الطائف ، فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف فقالوا : يا أبا عبداللَّه ، ما تعمل هاهنا ؟ فقال : جاريتي شطر بها نفيلكم ، فهرب منه إلى الشام ، فخرج الزبير في تجارة له إلى الشام فدخل على ملك الدومة۲ ، فقال له : يا أبا عبداللَّه ، لي إليك حاجة ، قال : وما حاجتك أيّها الملك ؟ فقال : رجل من أهلك قد أخذْتَ ولده فاُحبّ أن تردّه عليه ، فقال : ليظهر لي حتّى أعرفه ، فلمّا أن كان من الغد دخل إلى الملك ، فلمّا رآه الملك ضحك ، فقال : ما يضحكك أيّها الملك ؟ قال : ما أظنّ أنّ هذا الرجل ولدته عربيّة ، لمّا رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل يضرط ، فقال : أيّها الملك ، إذا صرت إلى مكّة قضيت حاجتك .
فلمّا قدم الزبير تحمّل عليه ببطون قريش كلّها أن يدفع إليه ابنه فأبى ، ثمّ تحمّل عليه بعبدالمطّلب فقال : ما بيني وبينه عمل ، أما علمتم ما فعل في ابني فلان ، ولكن امضوا أنتم فكلّموه ، فقصدوه وكلّموه ، فقال لهم الزبير : إنّ الشيطان له دولة ، وإنّ ابن هذا ابن الشيطان ، ولست آمن أن يترأس علينا ، ولكن أدخلوه من باب المسجد على أن أحمي له حديدة وأخطّ في وجهه خطوطاً ، وأكتب عليه وعلى ابنه أن لا يتصدّر في مجلس ، ولا يتأمّر على أولادنا ، ولا يضرب معنا بسهم . قال : ففعلوا وخطّ وجهه بالحديدة وكتب عليه الكتاب ، وذلك الكتاب عندنا ، فقلت : إن أمسكتم وإلّا أخرجت الكتاب ففيه فضيحتكم ، فأمسكوا » .
وتوفّي مولى لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ولم يخلف وارثاً ، فخاصم فيه ولد العبّاس أبا عبداللَّه عليه السلام ، وكان هشام بن عبدالملك قد حجّ في تلك السنة ، فجلس لهم ، فقال داود بن عليّ : الولاء لنا ، وقال أبو عبداللَّه عليه السلام : « بل الولاء لي » ، فقال داود بن عليّ : إنّ أباك قاتل معاوية ، فقال : فقد كان حظّ أبيك فيه الأوفر ثمّ فرّ بجنايته » ، وقال : « واللَّه لأطوّقنّك غداً طوق الحمامة » ، فقال داود بن عليّ : كلامك هذا أهون عليّ من بعرة في وادي الأزرق ، فقال : « أما إنّه وادٍ ليس لك ولا لأبيك فيه حقّ» .
قال : فقال هشام : إذا كان غداً جلست لكم ، فلمّا أن كان من الغد خرج أبو عبداللَّه عليه السلام ومعه كتاب في كِرباسة۳ وجلس لهم هشام ، ووضع أبو عبداللَّه عليه السلام الكتاب بين يديه ، فلمّا أن قرأه قال : ادعوا لي جندل الخزاعيّ وعكاشة الضميريّ ، وكانا شيخين قد أدركا الجاهليّة ، فرمى بالكتاب إليهما ، فقال : تعرفان هذه الخطوط ؟ قالا : نعم ، هذا خطّ العاص بن اُميّة ، وهذا خطّ فلان وفلان وفلان لقوم من قريش‏۴ ، وهذا خطّ حرب بن اُميّة ، فقال هشام : يا أبا عبداللَّه ، أرى خطوط أجدادي عندكم ! فقال : « نعم » ، قال : قد قضيت بالولاء لك ، قال : فخرج وهو يقول :
« إنْ عادَت العقربُ عُدنا لهاوكانت النعلُ لها حاضِرَه »
قال : فقلت : ما هذا الكتاب جعلت فداك ؟ قال : « إنّ نفيلة كانت أمة لاُمّ الزبير وأبي طالب وعبداللَّه ، فأخذها عبدالمطّلب فأولدها فلاناً ، فقال له الزبير : هذه الجارية ورثناها من اُمّنا ، وابنك هذا عبد لنا ، فتحمّل عليه ببطون قريش ، قال : فقال له : قد أجبتك على خلَّة على أن لا يتصدّر ابنك هذا في مجلس ولا يضرب معنا في سهم ، وكتب عليه كتاباً وأشهد عليه ، فهو هذا الكتاب »۵ .

1.في المصدر : « لن نقتل به » .

2.أي دومة الجندل ، وهي - بالضم - حصين بين المدينة والشام يقرب من تبوك ، وهي أقرب إلى الشام ، وهي إحدى حدود فدك . مجمع البحرين ، ج ۶ ، ص ۶۵ ( دوم ) .

3.الكرباس : قماش مصنوع من القطن . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۱۹۵ ( كربس ) .

4.في المصدر : « وهذا خطّ فلان وفلان لفلان من قريش » . وفي البحار : « وهذا خطّ فلان وفلان لقوم فلان من قريش » .

5.الكافي ، ج ۸ ، ص ۲۵۸ ، ح‏۳۷۲ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۲۲ ، ص ۲۶۸ ، ح‏۱۳ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
254

الحديث الرابع عشر والمائتان‏

[أربع من الذلّ . . .]

۰.ما رويناه عن مؤلّف كتاب الفصول المهمّة عن السجّاد عليه السلام قال : « أربع من الذلّ : البنت ولو مريم ، والدَين ولو درهم ، والغربة ولو ليلة ، والسؤال ولو كيف الطريق »۱ .

بيان‏

إنّما لم يقل عليه السلام «البنت ولو فاطمة» لتحصيل المبالغة التامّة - كما يقتضيه المقام - تأدّباً ؛ لئلّا يتطرّق الذلّ إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله .

الحديث الخامس عشر والمائتان‏

[ضربة علي لعمرو تعادل عبادة الثقلين‏]

۰.ما رويناه بأسانيد عديدة ومتون سديدة عن العامّة والخاصّة عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أنّه قال : « لضربة عليّ لعمرو تعادل عبادة الثقلين »۲ .

بيان‏

السرّ في ذلك : أنّ قتله في ذلك‏اليوم قد أدخل السرور على كلّ مسلم ومؤمن من الجنّ والإنس وغيرهما ، وأدخل الذلّ على كلّ كافر من الجنّ والإنس وغيرهما ، فكان قتله معادلاً لعبادتهم .
وأيضاً فإنّ شعائر الإسلام وعمود الدين المبين وآثار النبوّة إنّما ثبتت واستحكمت بقتله ، فكان قتله معادلاً لعباداتهم ؛ إذ لولا قتله لم يقم للدين عمود ولم يخضرّ له عود إلى يوم القيامة .

1.. الفصول المهمّة لابن الصبّاغ ، ج ۲ ، ص ۸۵۹ .

2.إقبال الأعمال ، ص ۴۶۷ ؛ سعد السعود ، ص‏۱۲۹ ؛ الطرائف ، ج ۲ ، ص ۵۱۹ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۴ ، ص ۸۶ ؛ شرح المواقف ، ج ۸ ، ص ۳۷۱ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10685
صفحه از 719
پرینت  ارسال به