الحديث الثامن والمائتان
[ولد لرسول اللَّه من خديجة . . .]
۰.ما رويناه عن الصدوق في الخصال بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : « ولد لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من خديجة : القاسم والطاهر - وهو عبداللَّه - واُمّ كلثوم ، ورقيّة ، وزينب ، وفاطمة ، تزوّج عليّ بن أبي طالب فاطمة عليها السلام ، وتزوّج أبوالعاص بن الربيع - وهو رجل من بني اُميّة - زينب ، وتزوّج عثمان بن عفّان اُمّ كلثوم ، فماتت ولم يدخل بها ، فلمّا ساروا إلى بدر زوّجه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله رقيّة ، وولد لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إبراهيم من مارية القبطيّة ، وهي اُمّ إبراهيم اُمّ ولد »۱ .
بيان
قال الفاضل ابن شهر آشوب في المناقب :
أولاده من خديجة : القاسم وعبداللَّه ، وهما الطاهر والطيّب ، وأربع بنات : زينب ، ورقيّة ، واُمّ كلثوم - وهي آمنة - وفاطمة - وهي اُمّ أبيها - ولم يكن له ولد من غيرها إلّا إبراهيم ابن مارية ، ولد بعالية في قبيلة مازن في مشربة اُمّ إبراهيم ، ويقال : ولد بالمدينة سنة ثمان من الهجرة ومات بها وله سنة وعشرة أشهر وثمانية أيّام ، وقبره بالبقيع .
وفي الأنوار والكشف واللمع وكتاب البلاذري : أنّ زينب ورقيّه كانتا ربيبتيه ، فأمّا القاسم والطيّب فماتا بمكّة صغيرين . قال مجاهد : مكث القاسم سبع ليال ، وأمّا زينب فكانت عند أبي العاص القاسم بن الربيع ، اُسر يوم بدر فمنّ عليه النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وأطلقه من غير فداء ، وأتت زينب الطائف ثمّ أتت النبيّ بالمدينة فقدم أبو العاص المدينة فأسلم ، وماتت زينب بالمدينة بعد مصير النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إليها بسبع سنين وشهرين ، وأمّا رقيّة فتزوّجها عتبة ، واُمّ كلثوم تزوّجها عتيبة ، وهما ابنا أبي لهب فطلّقاهما ، فتزوّج عثمان رقيّة بالمدينة وولدت له عبداللَّه صبيّاً لم يتجاوز ستّ سنين ، وكان ديك نقره على عينه فمات ، وتزوّج بعدها اُمّ كلثوم ، ولا عقب للنبيّ إلّا من وُلد فاطمة۲ . انتهى .
وقال الشيخ المفيد في المسائل السرويّة في جواب من سأل عن تزويج النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ابنتيه زينب ورقيّة من عثمان ، قال رحمة اللَّه عليه :
وليس ذلك بأعجب من قول لوط : « هَؤُلَآءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ »۳ ، فدعاهم إلى العقد على بناته وهم كفّار ضُلّال قد أذن اللَّه تعالى فيهلاكهم ، وقد زوّج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام ، أحدهما عتبة بن أبي لهب ، والآخر أبو العاص بن الربيع ، فلمّا بُعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فرّق بينهما وبين ابنتيه ، فمات عتبة على الكفر ، وأسلم أبو العاص فردّها عليه بالنكاح الأوّل ، ولم يكن صلى اللَّه عليه وآله في حال من الأحوال كافراً ولا موالياً لأهل الكفر ، وقد زوّج مَن يتبرّأ من دينه ، وهو معادٍ له في اللَّه عزّ وجلّ ، وهما اللتان زوّجهما عثمان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص ، وإنّما زوّجه النبيّ على ظاهر الإسلام ، ثمّ إنّه تغيّر بعد ذلك ولم يكن على النبيّ تبعة في ما يحدث في العاقبة ، هذا على قول بعض أصحابنا .
وعلى قول فريق آخر : إنّه زوّجه على الظاهر وكان باطنه مستوراً عنه ، ويمكن أن يستر اللَّه عن نبيّه صلى اللَّه عليه وآله نفاق كثير من المنافقين ، وقد قال اللَّه تعالى : « وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ »۴ ، فلا ينكر أن يكون في أهل مكّة كذلك ، والنكاح على الظاهر دون الباطن .
وأيضاً يمكن أن يكون اللَّه تعالى قد أباحه مناكحة من ظاهره الإسلام وإن علم من باطنه النفاق ، وخصّه بذلك ورخّص له فيه ، كما خصّه في أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر فيالنكاح ، وأباحه أن ينكح بغيرمهر ، ولم يُحظر عليه المواصلة في الصيام ، ولا في الصلاة بعد قيامه من النوم بغير وضوء ، وأشباه ذلك ممّا خصّ به وحظر على غيره من عامّة الناس ، فهذه أجوبة ثلاثة عن تزويج النبيّ عثمان ، وكلّ واحد منها كافٍ بنفسه مستغن عمّا سواه۵ . انتهى .