الحديث الثامن والتسعون والمائة

[اُعطيت خمساً لم يُعطها أحدٌ قبلي‏]

۰.ما رويناه عن الصدوق في الفقيه أيضاً قال : قال النبيّ صلى اللَّه عليه وآله : « اُعطيت خمساً لم يُعطها أحد قبلي : جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، ونُصرت بالرعب ، واُحلّ لي المغنم ، واُعطيت جوامع الكلم ، واُعطيت الشفاعة »^۱ .

بيان‏

( جعلت لي الأرض مسجداً ) أي اُبيح لي الصلاة في جميع مواضعها إلّا ما أخرجه الدليل ، بخلاف الاُمم السالفة ، فإنّه كانت الصلاة لا تجوز لهم في غير كنائسهم وبيعهم ، وقيل : كانوا لا يصلّون إلّا فيما يتيقّنون طهارته من الأرض ، وكذا لم يجز لهم التيمّم إلّا فيما يتيقّنون طهارته ، ونحن نصلّي في جميعها ، ونتيمّم في جميعها إلّا فيما نتيقّن نجاسته . ويمكن إرادة الأعمّ من الصلاة والسجود عليها .
( وطهوراً ) أي مطهّراً أو ما يتطهّر به بجواز التيمّم على الأرض ، ففيه دلالة على جواز التيمّم بمطلق الأرض ولو كان حجراً .
وفي بعض الأخبار : « وترابها طهوراً »^۲ ، وليس فيه دلالة على عدم جواز التيمّم بغير التراب إلّا بالمفهوم ، ويمكن شمول طهوريّة الأرض لأحجار الاستنجاء والتعفير في إناء الولوغ والنعل والرجل بعد زوال العين وغيرها ممّا ورد فيه دليل .
( ونصرت بالرعب ) وفي بعض الروايات : «مسيرة الشهر»^۳ ، والرعب : الخوف والفزع ، وكان أعداء النبيّ صلى اللَّه عليه وآله قد أوقع اللَّه تعالى في قلوبهم الخوف والرعب ، فإذا كان بينه وبينهم مسيرة شهرٍ هابوه وفزعوا منه ، وهذه أيضاً من خصائصه .
( واُحلّ لي المغنم ) أي الغنيمة المأخوذة من الكفّار ، فإنّ الأنبياء السابقين كانوا يحرقون غنائم الكفّار .
( واُعطيت جوامع الكلم ) يمكن تفسيرها بالقرآن ، فإنّه مشتمل على جميع العلوم وما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، ويمكن أن يراد بها كلماته صلى اللَّه عليه وآله فإنّها وجيزة جامعة للمعاني الكثيرة ، ويمكن أن يراد : الأعمّ منهما ومن الحقائق والمعارف الإلهيّة التي لم تحصل لأحد قبله .
( اُعطيت الشفاعة ) إمّا مطلقاً أو الكبرى ، فإنّها المقام المحمود الموعود له صلى اللَّه عليه وآله بقوله : « وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى‏ »^۴ . وله خصائص اُخرى مذكورة في مظانّها وهذه الرواية لا تدلّ على الحصر .